شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٠٦
مضوا يرتادون غير هذا المنزل، فرجع هزيم إلى المهلب، فأخبره، فارتحل حتى نزل خندق قطري، فجعل يقاتل عبد ربه أحيانا بالغداة، وأحيانا بالعشي، فقال رجل من سدوس، يقال له المعتق، وكان فارسا:
ليت الحرائر بالعراق شهدننا * ورأيننا بالسفح ذي الأجبال فنكحن أهل الجد من فرساننا (1) * والضاربين جماجم الابطال ووجه المهلب يزيد ابنه إلى الحجاج يخبره بأنه قد نزل منزل قطري، وأنه مقيم على عبد ربه، ويسأله أن يوجه في أثر قطري رجلا جلدا. فسر بذلك الحجاج سرورا أظهره.
ثم كتب إلى المهلب يستحثه لمناجزة القوم مع عبيد بن موهب:
أما بعد، فإنك تتراخى عن الحرب حتى تأتيك رسلي فيرجعون بعذرك، وذلك أنك تمسك حتى تبرأ الجراح، وتنسى القتلى، وتحمل الكال (2) ثم تلقاهم، فتحمل منهم ثقل ما يحتملون منك من وحشة القتل، وألم الجراح، ولو كنت تلقاهم بذلك الجد لكان الداء قد حسم، والقرن (3) قد قصم، ولعمري ما أنت والقوم سواء، لان من ورائك رجالا، وأمامك أموالا، وليس للقوم إلا ما نعهد، ولا يدرك الوجيف (4) بالدبيب، ولا الظفر بالتعذير.
فلما ورد عليه الكتاب، قال لأصحابه: يا قوم إن الله قد أراحكم من أمور أربعة:
قطري بن الفجاءة، وصالح بن مخراق، وعبيدة بن هلال، وسعد بن الطلائع، وإنما بين أيديكم عبد ربه الصغير في خشار من خشار (5) الشيطان، تقتلونهم إن شاء الله تعالى.

(1) الكامل: (أهل الجزء)، والجزء: الغناء والكفاية في الحرب.
(2) الكامل: (ويجم الناس).
(3) قصم القرن، أي كسر، يكنى بذلك عن هلاك القوم.
(4) الوجيف: ضرب من السير السريع.
(5) الخشار: الردئ وما لا خير فيه.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232