شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٩٠
ابن أبي طالب وقديم سابقته، وقرابته من نبي الله ونصرته له، ومواساته إياه، في كل خوف وهول، واحتجاجك على، وفخرك بفضل غيرك لا بفضلك. فاحمد إلها صرف ذلك الفضل عنك، وجعله لغيرك، فقد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا، نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا، وفضله مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه ما عنده، وأتم له ما وعده، وأظهر دعوته، وأفلج حجته، قبضه الله إليه، فكان أبوك وفاروقه، أول من ابتزه وخالفه، على ذلك اتفقا واتسقا (1)، ثم دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عنهما، وتلكأ عليهما، فهما به الهموم:
وأرادا به العظيم، فبايعهما وسلم لهما، لا يشركانه في أمرهما، ولا يطلعانه على سرهما، حتى قبضا وانقضى أمرهما. ثم أقاما بعدهما ثالثهما عثمان بن عفان، يهتدى بهديهما، ويسير بسيرتهما، فعبته أنت وصاحبك، حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي، وبطنتما وظهرتما (2)، وكشفتما له عداوتكما وغلكما، حتى بلغتما منه مناكما، فخذ حذرك يا بن أبي بكر، فسترى وبال أمرك، وقس شبرك بفترك، تقصر عن أن تساوى أو توازي من يزن الجبال حلمه، ولا تلين على قسر قناته ولا يدرك ذو مدى أناته، أبوك مهد له مهاده، وبنى ملكه وشاده، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله، وإن يكن جورا فأبوك أسه (3) ونحن شركاؤه، فبهديه أخذنا، وبفعله اقتدينا، رأينا أباك فعل ما فعل، فاحتذينا مثاله، واقتدينا بفعاله، فعب أباك بما بدا لك، أو دع. والسلام على من أناب، ورجع من غوايته وناب.
* * * قال: وأمر علي عليه السلام الحارث الأعور أن ينادى في الناس: اخرجوا إلى معسكركم

(1) صفين: (وانشقا).
(2) صفين: (أظهر تما).
(3) صفين: (أسسه).
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335