شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٠٤
وقال تعالى: ﴿ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا يسرف في القتل﴾ (1)، والاسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك، فقد نهى الله عنه، وذاك هو الغشم.
فقام إليه أبو بردة بن عوف الأزدي - وكان ممن تخلف عنه - فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت القتلى حول عائشة وطلحة والزبير، علا م قتلوا؟ - أو قال: بم قتلوا؟ - فقال علي عليه السلام: قتلوا بما قتلوا شيعتي وعمالي، وقتلوا أخا ربيعة العبدي في عصابة من المسلمين، قالوا: إنا لا ننكث كما نكثتم، ولا نغدر كما غدرتم، فوثبوا عليهم فقتلوهم، فسألتهم أن يدفعوا إلى قتلة إخواني أقتلهم بهم، ثم كتاب الله حكم بيني وبينهم، فأبوا على، وقاتلوني - وفي أعناقهم بيعتي، ودماء قريب من ألف رجل من شيعتي - فقتلتهم، أفي شك أنت من ذلك! فقال: قد كنت في شك، فأما الان فقد عرفت، واستبان لي خطأ القوم، وإنك المهتدي المصيب.
قال نصر: وكان أشياخ الحي يذكرون أنه كان عثمانيا، وقد شهد على ذلك صفين مع علي عليه السلام، ولكنه بعد ما رجع كان يكاتب معاوية، فلما ظهر معاوية أقطعه قطيعة بالفلوجة (2)، وكان عليه كريما.
قال: ثم إن عليا عليه السلام تهيأ لينزل، وقام رجال ليتكلموا، فلما رأوه نزل جلسوا وسكتوا.
قال: ونزل علي عليه السلام بالكوفة على جعدة بن هبيرة المخزومي.
قلت: جعدة ابن أخته أم هاني بنت أبي طالب، كانت تحت هبيرة بن أبي وهب المخزومي، فأولدها جعدة، وكان شريفا.
* * *

(١) سورة الإسراء ٣٣.
(2) في مراصد الاطلاع: الفلوجة الكبرى والفلوجة الصغرى: قريتان كبيرتان من سواد بغداد والكوفة قرب عين التمر. قلت: والمشهور هي هذه التي على شاطئ الفرات، عندها فم نهر الملك من الجانب الشرقي.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335