نزهة الناظر وتنبيه الخاطر - الحلواني - الصفحة ٤٣
وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعده الرضا نسي التحفظ، وإن غاله (1) الخوف أثقله (2) الحذر، وإن اتسع له الامر استلبته العزة (3) وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته (4) فاقة أشغله البلاء، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة، فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد (5).
أقول: لو أن هذه الألفاظ كتبت بماء الذهب على ألواح الياقوت كان قليلا لعظم قدرها، وجلالة خطرها، وفيها لمعتبر عبرة.
6 - وقال عبد الله بن عباس: ما انتفعت بكلام أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كانتفاعي بكلام كتبه إلي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو:
أما بعد، فان المرء قد يسره إدراك ما لم يكن ليفوته، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه فليكن سرورك بما نلت من آخرتك، وليكن أسفك على ما فاتك منها، وما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحا، وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا، وليكن همك فيما بعد الموت. (6) .

١) (أ) و (ط) ناله.
٢) (خ ل) أشغله، وفى النهج وبقية المصادر: شغله.
٣) كأنها بالاهمال والزاي، ويحتمل الاعجام والراء، والغرة: هي الاغترار والغفلة.
٤) في النسخ الثلاث: غطته. وهو تصحيف.
٥) رواه الكليني في روضة الكافي: ٨ / ٢١ ضمن ح ٤، بإسناده عن أبي جعفر، عنه عليه السلام.
وأورده في نهج البلاغة: ٤٨٧ ح ١٠٨، عنه البحار: ٧٠ / ٦٠ ح ٤١.
وفى تحف العقول: ٩٥، عنه البحار: ٧٧ / ٢٨٤ ضمن ح ١.
وهذه اللمعة هي من خطبته الغراء المعروفة ب (الوسيلة).
٦) أورده في نهج البلاغة: ٣٧٨ ح ٢٢، عنه البحار: ٨ / ٦٣٤ (ط. الحجر).
وفى تحف العقول: ٢٠٠، عنه البحار، 78 / 37 ح 4.
ومحمد بن طلحة في مطالب السؤول: 55، عنه البحار المذكور ص 7 ح 61.
والقندوزي في ينابيع المودة: 145
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»