وفي الحديث المذكور بعد ما ذكر: فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم ﴿إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق اولئك لهم عذاب أليم﴾ (1) هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا ولا باغين مالا ولا مريدين بالظلم ظفرا حتى يفيئوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته.
وفي التهذيب: قال الصادق (عليه السلام) لقوم من أصحابه: إنه قد حق لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم، وكيف لا يحق لي ذلك وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتى يتركه (2).
وقال الشيخ في الاقتصاد: فإذا أثر القول والوعظ في ارتفاعه اقتصر عليه، وإن لم يؤثر وجب أن يمنع منه ويدفع عنه وإن أدى ذلك إلى إيلام المنكر عليه والإضرار به وإتلاف نفسه بعد أن يكون القصد ارتفاع المنكر أن لا يقع من فاعله ولا يقصد إيقاع الضرر به، ويجري ذلك مجرى دفع الضرر عن النفس في أنه يحسن وإن أدى إلى الإضرار بغيره، غير أن الظاهر من مذهب شيوخنا الإمامية أن هذا الضرب من الإنكار لا يكون إلا للأئمة (عليهم السلام) أو لمن يأذن له الإمام (عليه السلام) فيه.
وكان المرتضى (رضي الله عنه) يخالف في ذلك ويجوز فعل ذلك بغير إذنه، قال: لأن ما يفعل بإذنهم يكون مقصودا وهذا يخالف ذلك لأنه غير مقصود وإنما القصد المدافعة والمخالفة، فإن وقع ضرر فهو غير مقصود. ويمكن أن ينصر الأول بأن يقال: إذا كان طريق حسن المدافعة بالألم بالسمع فينبغي أن يدفعه على الوجه الذي قدره الشرع وهو أن يقصد المدافعة دون نفس إيقاع الألم والقصد إلى إيقاع الألم بإذن الشرع فيه فلا يجيء منه ما قاله (3). انتهى.
وفي المختلف نقل عن الشيخ أنه وافق المرتضى في التبيان ونصره وضعف ما عداه، ثم نقل عن بعض أصحابنا ما مرجعه إلى احتياج الجراح والقتل إلى