غير أني لا أظن حصوله، لما استأنسنا من أحوال الناس من اعتمادهم في أمثال هذه الأخبار بأي نقل جاء.
وبالجملة ربما يجوز حصول العلم بقول جماعة إذا لم يخطر بالبال بعض الاحتمالات اللازمة للطبائع من المسامحة والنسيان وأمثالهما، وللوقائع من خفائها على بعض الأفهام والمسامحة في تحققها، فلا يقبل من أحد دعوى العلم حتى يبين لنا وجه حصوله وينبه بأن حصول الاشتباه كثير، خصوصا لمن لم يألف طرق النظر ولم يعرف وجوه الخطأ الواردة في الأنظار.
وأما فيما ذكر من ثبوته بضرب الخراج من الجائر حملا لتصرف المسلم على الصحة، فلأنه إنما يتم في نظرنا إذا كان الحكم بكونه خراجيا مصححا لتصرفه وتسلطه على الأخذ، أو يكون كون الأرض خراجية وحكمه بذلك واعتماده عليه من أفعاله.
وأما إن قلنا: إن فعله كتسلطه وضربه وأخذه حرام وإن حكمنا بكونها خراجية أو أن كونها خراجية من أفعاله. فلا. قال: ولا أظن أحدا من أصحابنا بل من أهل الإسلام يقول بجواز أخذ الجائر للخراج والمقاسمة وأن له هذا التسلط شرعا ولا يعاقب عليه.
ونقل عن بعضهم أن كلامه كالصريح في الحرمة، قال: وإن توهمه أمكننا إقامة الحجة عليه من الأخبار الدالة على المنع من الدخول في سلك السلاطين ومن قبول عمهلم وأشباهها.
قال: فإن أراد هذا القائل أن كونها خراجية يصحح تصرفه هذا ففيه ما ترى.
وإن أراد أن كونها خراجية من فعله فدفعه أوضح من أن يتصدى له.
وإن أراد أن كونها خراجية يخفف فساد تصرفه وتسلطه الذي هو فعله وأن فعل المسلم كما يحمل على الصحة يحمل على ما هو أقل فسادا، ففيه أن هذا مما لم يقم عليه في نظرنا دليل، إذ الظاهر أن الحجة في الحمل على الصحة إنما هي النهي عن اتباع الظن في نسبة فعل الغير إلى الفساد مع عدم سراية فعله إلى الغير،