الكافي - ابن عبد البر - الصفحة ٢٢
باب أقل ما يجزأ من عمل الوضوء أقل ما يجزأ من عمل الوضوء ما نطق به القرآن قال الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا بروؤسكم وأرجلكم إلى الكعبينسورة المائدة والغرض في تطهير هذه الأعضاء مرة مرة سابغة مع النية على ما تقدم ذكره ويكون ماؤه طاهرا مطهرا يغسل وجهه مرة واحدة ويغسل عارضيه إلى وصول أذنيه ويتفقد باطن مارنه وشاربه وما على الذقن من الشعر وإن لم يغسل ما استرسل من شعر اللحية أجزأه ما مر عليها من الماء ويغسل ذراعيه حتى يغسل المرفقين واختلف أصحاب مالك وسائر أهل المدينة في عموم مسح الرأس فمنهم من قال لا يجزئ مسح بعض الرأس وهو قول مالك المشهور ومنهم من أجاز مسح بعضه وذكر أبو الفرج عن محمد بن مسلمة أنه قال لا يجزئ ان يمسح دون ثلثه وإليه ذهب أبو الفرج والذي حكاه عن محمد بن مسلمة وهم والله أعلم والمعروف لمحمد بن مسلمة ومنهم من يرويه عن مالك أنه إن أسقط من مسح رأسه ثلثه فما دون أنه يجزيه ولا يجزيه إن كان المتروك من الرأس أكثر من ثلثه في المسح هذا قول محمد بن مسلمة فيما ذكر إسماعيل في المبسوط فلهذا قلنا إن ما ذكره أبو الفرج وهم وما ذكره إسماعيل عنه يشبه أصول مالك في استدارة الثلث في مواضع كثيرة من كتبه وأصول مذاهبه وما زاد على الثلث عنده فكثيرا يراعى ذلك ويعتبره ولا يلغيه في شيء من مذاهبه فكأنه والله أعلم أنه لا يكاد أحد يسلم من أن يفوته الشئ اليسير من شعر رأسه عند مسحه بعد اجتهاد فجعل الثلث فما دونه في حكم ذلك وأجزأه عنده إذا أتى على مسح الثلثين فأكثر هذا وجه ما ذهب إليه محمد بن مسلمة وعزاه إلى مالك والله أعلم وقد يخرج قول أبي الفرج على أصل مالك والله أعلم في استدارة الثلث وقد أوضحت ذلك في كتاب التمهيد والمسح عندي ليس شأنه الاستيعاب ويغسل رجليه مع الكعبين وقد أدى فرض طهارته ومن ترك شيئا من ذلك ناسيا حتى صلى غسل ما نسي وأعاد صلاته وكذلك لو يصل لا يغسل إلا ما نسي ومن تعمد ترك ذلك استأنف الوضوء وأعاد صلاته ومتى لم يأت بالماء على كل عضو مغسول فلا يجزئه لأنه يكون ماسحا لما قد أمر
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»