الدرر - ابن عبد البر - الصفحة ١٣٦
علمنا الله وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته ونشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال لهم ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل قالت فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء إلى الجار ويأكل القوي منا الضعيف كنا على ذلك حتى بعث الله عز وجل إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام قالت فعدد عليه أمور الإسلام وقال فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء له عن الله عز وجل فعبدنا الله وحده ولم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما حلل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك وآثرناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك قالت فقال هل معك مما جاء به عن الله شيء قال جعفر نعم فقال له النجاشي فاقرأه علي فقرأ عليه * (كهيعص) * قالت فبكى النجاشي حتى والله اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلت لحاهم حين سمعوا ما يتلى عليهم فقال النجاشي إن هذا والذي جاء به موسى
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»