التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٩ - الصفحة ١٦
ولونه كلون الدماء ولكن رائحته فصلت بينه وبين سائر الدماء وكان الحكم لها فاستدلوا في زعمهم بهذا الحديث على أن الماء إذا تغير لونه لم يضره وهذا لا يفهم منه معنى تسكن النفس إليه ولا في الدم معنى الماء فيقاس عليه ولا يشتغل بمثل هذا (من له فهم وإنما اغترت هذه الطائفة بأن البخاري ذكر هذا الحديث في باب الماء والذي ذكره البخاري لا وجه له يعرف) (38) وليس من شأن أهل العلم اللغو به وإشكاله وإنما شأنهم إيضاحه وبيانه وبذلك أخذ الميثاق عليهم * (لتبيننه للناس ولا تكتمونه) * 39 وفي كتاب البخاري أبواب لو لم تكن فيه كان أصح لمعانيه والله الموفق للصواب) (40) والماء لا يخلو تغيره من أن يكون بنجاسة أو بغير نجاسة فإن كان بنجاسة فقد أجمع العلماء على أنه غير طاهر ولا مطهر وكذلك أجمعوا أنه إذا تغير بغير نجاسة أنه طاهر على أصله وقال الجمهور إنه غير مطهر إلا أن يكون تغيره من تربته وحماته وما أجمعوا عليه فهو الحق الذي لا إشكال فيه ولا التباس معه وقد ذكرنا حكم الماء عند العلماء واجتلبنا مذاهبهم في ذلك والاعتلال لأقوالهم في باب إسحاق بن أبي طلحة من كتابنا هذا والحمد لله
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»