التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٨ - الصفحة ١٥
وفيه إباحة مناظرة الصغير للكبير والأصغر للأسن إذا كان ذلك طلبا للازدياد من العلم وتقريرا للحق وابتغاء له (1) وفيه الأصل الجسيم الذي أجمع عليه أهل الحق وهو أن الله عز وجل قد فرغ من أعمال العباد فكل يجري فيما قدر له وسبق في علم الله تبارك اسمه وأما قوله أفتلومني على أمر قد قدر علي فهذا عندي مخصوص به آدم لأن ذلك إنما كان منه ومن موسى عليهما السلام بعد أن تيب على آدم وبعد أن تلقى من ربه كلمات تاب بها عليه فحسن منه أن يقول ذلك لموسى لأنه قد كان تيب عليه من ذلك الذنب وهذا غير جائز أن يقوله اليوم أحد إذا أتى ما نهاه الله (عنه) (2) ويحتج بمثل هذا فيقول أتلومني على أن قتلت أو زنيت أو سرقت وذلك قد سبق في علم الله وقدره علي قبل أن أخلق هذا ما لا يسوغ لأحد أن يقوله وقد اجتمعت الأمة أن من أتى ما يستحق الذم عليه فلا بأس بذمه ولا حرج في لومه ومن أتى ما يحمد له فلا بأس بمدحه عليه وحمده وقد حكى مالك عن يحيى بن سعيد
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»