التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٧ - الصفحة ٢١
فهذه الأصول كلها تشهد على أن الذنوب لا يكفر بها أحد وهذا يبين لك أن قوله صلى الله عليه وسلم من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما أنه ليس على ظاهره وأن المعنى فيه النهي عن أن يقول أحد لأخيه كافر أو يا كافر قيل لجابر بن عبد الله يا أبا محمد هل كنتم تسمون شيئا من الذنوب كفرا أو شركا أو نفاقا قال معاذ الله ولكنا نقول مؤمنين مذنبين روي ذلك عن جابر من وجوه ومن حديث الأعمش عن أبي سفيان قال قلت لجابر أكنتم تقولون لأحد من أهل القبلة كافر قال لا قلت فمشرك قال معاذ الله وفزع وقد قال جماعة من أهل العلم في قول الله عز وجل * (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) * 1 هو قول الرجل لأخيه يا كافر يا فاسق وهذا موافق لهذا الحديث فالقرآن والسنة (2) ينهيان عن تفسيق المسلم وتكفيره ببيان لا إشكال فيه ومن جهة النظر الصحيح الذي لا مدفع له أن كل من ثبت له عقد الإسلام في وقت بإجماع من المسلمين ثم أذنب ذنبا أو تأول تأويلا فاختلفوا بعد في خروجه من الإسلام لم يكن لاختلافهم بعد إجماعهم معنى يوجب حجة ولا يخرج من الإسلام المتفق عليه إلا باتفاق آخر أو سنة ثابتة لا معارض لها
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»