التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٥ - الصفحة ٢٣
أعلم بينهما لئلا يجتمع رجل ملعون وامرأة غير ملعونة ولسنا نعرف أن المرأة أفردت باللعنة فنقيسها على اليهودية الجائز نكاحها ولا بأس أن يكون الأسفل ملعونا كما أنه لا بأس أن يكون كافرا ولا سبيل إلى معرفة من حقت عليه اللعنة منهما فمن ههنا وقعت الفرقة ولو أيقنا أن اللعنة حقت على المرأة بكذبها لم نفرق بينهما هذا جملة ما اعتل به بعض أصحابنا وفي ذلك نظر والتلاعن يقتضي التباعد وعليه جمهور السلف وفي قوله صلى الله عليه وسلم لا سبيل لك عليها كفاية ودلالة صحيحة على أن اللعان هو الموجب للفرقة بينهما وأن الحاكم إنما ينفذ الواجب في ذلك من حكم الله تعالى ذكره ولم يكن تفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين بعد اللعان استئناف حكم وإنما كان تنفيذا لما أوجبه الله تعالى باللعان بينهما فالواجب على سائر الحكام تنفيذ الحكم بذلك والتفريق بينهما فإن فعل فقد فعل ما يجب وإن ترك كان الحكم بالفرقة بينهما نافذا على حسبما ذكرنا واحتج أصحاب أبي حنيفة لقوله إذا التعنا فرق الحاكم بينهما بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فرق بين
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»