التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٣ - الصفحة ١٦١
وفي هذا الحديث أيضا من الفقه أن الإمام إذا دفع بالحاج والناس معه لا يصلون المغرب في تلك الليلة إلا مع العشاء في وقت واحد بالمزدلفة وهذا أمر مجتمع عليه لا خلاف فيه واختلف العلماء فيمن لم يدفع مع الإمام لعلة وعذر ودفع وحده بعد دفع الإمام بالناس هل له أن يصلي تلك (الصلاتين) (1) في المزدلفة أم لا فقال مالك لا يصليهما أحد قبل جمع إلا من عذر فإن صلاهما من عذر لم يجمع بينهما حتى يغيب الشفق وقال الثوري لا يصليهما حتى يأتي جمعا وله السعة في ذلك إلى نصف الليل فإن صلاهما دون جمع أعاد وقال أبو حنيفة إن صلاهما قبل أن يأتي المزدلفة فعليه الإعادة وسواء صلاهما قبل مغيب الشفق أو بعده عليه أن يعيدهما إذا أتى المزدلفة وحجة هؤلاء كلهم قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لأسامة أمامك يعني بالمزدلفة واختلف عن أبي يوسف ومحمد فروي عنهما مثل قول أبي حنيفة وروي عنهما إن صلى (2) بعرفات أجزأه وعلى مذهب الشافعي لا ينبغي أن يصليهما قبل جمع فإن فعل أجزأه وبه قال أبو ثور وأحمد وإسحاق وروي ذلك عن عطاء وعروة وسالم والقاسم (3) وسعيد بن جبير وروي عن جابر بن عبد الله أنه قال لا صلاة إلا بجمع ولا مخالف له من الصحابة فيما علمت
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»