الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٨٠
وهذا تفسير لرواية مالك لأن ظاهرها في قوله يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأها يقتضي عموم السورة كلها وليس كذلك وقد ظهر الخصوص برواية معمر ومن تابعه في ذلك ومعلوم عند الجميع أن القرآن لا يجوز في حروفه كلها ولا في سورة منه واحدة أن تقرأ حروفها كلها على سبعة أوجه بل لا توجد في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه إلا قليلا من كثير مثل * (ربنا باعد بين أسفارنا) * [سبأ 19] و " وعبد الطغوت " [المائدة 60] و " إن البقر تشبه علينا " [البقرة 70] و * (بعذاب بئيس) * [الأعراف 165] ونحو ذلك وهو يسير في جنب غيره من القرآن وقد اختلف العلماء وأهل اللغة في معنى قوله صلى الله عليه وسلم نزل القرآن على سبعة أحرف اختلافا كثيرا تقصيناه في التمهيد ونورد منه ها هنا عيونها إن شاء الله قال الخليل بن أحمد معنى قوله سبعة أحرف سبع قراءات قال والحرف ها هنا القراءات وقال غيره هي سبعة أنحاء كل نحو منها جزء من أجزاء القرآن خلاف غيره من أنحائه ذهبوا إلى أن الأحرف أنواع وأصناف فمنها زاجر ومنها أمر ومنها [حلال ومنها حرام] ومنها محكم ومنها متشابه ومنها أمثال وغيره واحتجوا بحديث من حديث بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى ما ذكروا وهو حديث لا يحتج بمثله لضعفه عند أهل العلم بالحديث وقد ذكرته في التمهيد وذكرت العلة فيه وقد اعترض فيه من جهة النظر قوم من أهل العلم منهم أحمد بن أبي عمران وأبو جعفر الطحاوي وغيرهما وقالوا محال أن يكون الحرف كله حراما لا ما سواه وحلالا لا ما سواه وآمرا لا ناهيا وزاجرا لا مبيحا وامتثالا كله وقال آخرون هي سبع لغات مفترقات في القرآن على لغة العرب كلها يمنها ونزارها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجهل شيئا منها وكان قد أتى جوامع الكلم وإلى هذا ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام في تأويل هذا الحديث قال يكون الحرف منها بلغة قبيلة والثاني بلغة قبيلة أخرى والثالث بلغة قبيلة ثالثة هكذا إلى السبعة
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»