الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤١٨
وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته الحديث وبه احتج كل من رأى الخطبة في الكسوف وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما لا خطبة في كسوف الشمس واحتج بعضهم في ذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خطب الناس لأنهم قالوا إن الشمس كسفت لموت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك خطبهم يعرفهم أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته وكان مالك والشافعي لا يريان الصلاة عند الزلزلة ولا عند الظلمة والريح الشديد ورآها جماعة من أهل العلم منهم أحمد وإسحاق وأبو ثور وروي عن بن عباس أنه صلى في الزلزلة وقال بن مسعود إذا سمعتم هادا من السماء فافزعوا إلى الصلاة وقال أبو حنيفة من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج قال أبو عمر لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه صحيح أن الزلزلة كانت في عصره ولا صحت عنه فيها سنة وقد كانت أول ما كانت في الإسلام على عهد عمر فأنكرها وقال أحدثتم والله لئن عادت لأخرجن من بين أظهركم رواه بن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن صفية قالت زلزلت المدينة على عهد عمر حتى اصطكت السور فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما أسرع ما أحدثتم والله لئن عادت لأخرجن من بين أظهركم وروى حماد بن سلمة عن عبد الله بن الحارث قال زلزلت الأرض بالبصرة فقال بن عباس والله ما أدري أزلزلت الأرض أم بي أرض فقام بالناس فصلى مثل صلاة الكسوف وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث مالك رأيناك تكعكعت فمعناه عند أهل اللغة احتبست وتأخرت وقال الفقهاء معناه تقهقرت والمعنى واحد متقارب وقال متمم بن نويرة (ولكنني أمضي على ذاك مقدما * إذا بعض من لاقى الرجال تكعكعا
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»