الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٣٦٢
وفي هذا الحديث أيضا ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق وجميل الأدب في إجابته كل من دعاه إلى ما دعاه إليه ما لم يكن أثما 387 وأما حديثه في هذا الباب عن بن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى فإنني أظن والله أعلم أن السبب الموجب لإدخال مالك هذا الحديث في موطئه ما بأيدي العلماء من النهي عن مثل هذا المعنى وذلك أن الليث به سعد وبن جريج وحماد بن سلمة رووا عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره (1) وروى محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى ويستلقي فيرى والله أعلم أن مالكا بلغه هذا الحديث وكان عنده عن بن شهاب عن عباد بن تميم خلاف ذلك يحدث به على وجه الرفع والمعارضة 388 ثم أردفه في موطئه بما رواه عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر وعمر كانا يفعلان ذلك وكأنه ذهب إلى أن نهيه عن ذلك منسوخ بفعله واستدل على نسخه بعمل الخليفتين بعده وهما لا يجوز أن يخفى عليهما ذلك النسخ في ذلك وغيره من المنسوخ في سائر سننه صلى الله عليه وسلم
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»