الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٣١٩
وقال بن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد وفي بعض الروايات عنه على المنبر كما يعلم المكتب الولدان وذكر أبو بكر قال حدثنا بن علية عن خالد بن الغلام المتوكل قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول كنا لا نكتب شيئا إلا القرآن والتشهد وقد قيل إنه التسليم من الصلاة الذي هو تحليلها وقال بعض أهل العلم إن قوله صلى الله عليه وسلم في حديث بن مسعود ومن روى مثل روايته اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كلام مجمل محتمل للتأويل يفسره قوله في حديث أبي حميد الساعدي ومن تابعه اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته لأن لفظ الآل محتمل لوجوه من الأهل ومنها الأتباع كما قال تعالى " أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " [غافر 46] أي أتباعه فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الآل هنا الأهل وأن ما أجمله مرة فسره أخرى وأوقف على أن الأهل أزواجه وذريته ويدخل في قوله آل إبراهيم إبراهيم وفي آل محمد محمدا صلى الله عليهما كأنه قال إبراهيم وآله ألا ترى إلى قوله تعالى " أدخلوا آل فرعون " يدخل فيه فرعون هذا ما يوحيه تهذيب الأحاديث وترتيبها والله ولي التوفيق لا شريك له وأجمع العلماء على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مؤمن لقوله عز وجل " يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " [الأحزاب 56] ثم اختلفوا في كيفية ذلك وموضعه فذهب مالك وأصحابه وأبو حنيفة إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض في الجملة بعقد الإيمان ولا يتعين في الصلاة ولا في وقت من الأوقات ومن قول بعضهم أن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة في عمره فقد سقط فرض ذلك عنه وبقي مندوبا إليه من عمره بمقدار ما يمكنه وروي عن مالك وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي أنهم قالوا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستحب في التشهد الآخر مندوب إليها وتاركها مسيء ومع ذلك فصلاة من لم يفعل ذلك تامة
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»