الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٧٢
وقد روى بن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر أن معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم ينصرف إلى قومه فيصلي بهم هي له تطوع ولهم فريضة وهذا نص في موضع الخلاف قال بن جريج وحدثت عن عكرمة عن بن عباس أن معاذا فذكر مثله سواء وأما قوله في حديث مالك في هذا الباب وإذا صلى قائما فصلوا قياما فهذا كلام خرج على صلاة الفريضة وهذا ما لا خلاف فيه وقد أجمع العلماء على جواز صلاة الجالس خلف الإمام القائم في النافلة فدل على ما ذكرنا إلا أن المصلي جالسا في النافلة وهو قادر على القيام نصف أجر المصلي فيها قائما وأجمع العلماء على أن القيام في الصلاة المكتوبة فرض واجب لقول الله عز وجل " وقوموا لله قنتين " [البقرة 238] فلا يجوز لأحد أن يصلي مكتوبة قاعدا وهو قادر على القيام واختلفوا في المأموم الصحيح يصلي قاعدا خلف إمام مريض لا يستطيع القيام فأجازت ذلك طائفة من أهل العلم اتباعا لهذا الحديث وما كان مثله في قوله صلى الله عليه وسلم وإذا صلى جالسا يعني من عذر فصلوا جلوسا أجمعون روي هذا من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وبن عباس وبن عمر وأنس وجابر بأسانيد صحاح وممن قال بأن الإمام إذا صلى جالسا لمرض أصابه صلى الناس خلفه جلوسا وهم أصحاء قادرون على القيام حماد بن زيد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أخذا بحديث مالك هذا وما كان مثله واتباعا له وإليه ذهب بعض أصحاب الظاهر وقال أحمد بن حنبل وفعله أربعة من الصحابة بعده أسيد بن حضير وقيس بن قهد وجابر بن عبد الله وأبو هريرة قال أبو عمر قد ذكرنا الأسانيد بذلك عنهم في التمهيد وقال جمهور العلماء لا يجوز لأحد أن يصلي شيئا من الصلوات المكتوبات جالسا وهو صحيح قادر على القيام لا إماما ولا منفردا ولا خلف إمام ثم اختلفوا فمنهم من أجاز صلاة القائم خلف القاعد كلا يؤدي فرضه على
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»