الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٦٨
فمن ذلك أن غير مالك طائفة تروي هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن يعلى بن مسلم عن طلق بن حبيب عن النبي عليه السلام وهذا مرسل وطلق بن حبيب ثقة عندهم فيما نقل إلا أنه رأس من رؤوس المرجئة وكان مع ذلك عابدا فاضلا وكان مالك يثني عليه لعبادته ولا يرضى مذهبه وقد روي مسندا إلا أنه حديث يدور على يعقوب بن الوليد وهو متروك الحديث حدثنا أحمد بن القاسم بن عيسى قال حدثنا عبد الله بن محمد بن حنانه قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال حدثني جدي قال حدثنا يعقوب بن الوليد عن بن أبي ذئب عن عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن أحدكم ليصلي الصلاة وما فاته من وقتها أشد عليه من أهله وماله)) وأما الأصول التي ترد هذا الحديث (فمنها) حديث نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)) فلم يقع التمثيل والتشبيه ها هنا إلا لمن فاته وقت الصلاة كله بدليل قوله ((من أدرك ركعة من العصر)) وبدليل قوله حين صلى في طرفي الوقت ((ما بين هذين وقت)) وحديث يحيى بن سعيد يدل أن من فاته بعض وقت الصلاة في حكم من فاته الوقت كله في ذهاب أهله وماله وقد حكى بن القاسم عن مالك أنه لم يعجبه قول يحيى بن سعيد المذكور وذلك لما وصفنا والله أعلم وقد يحتمل حديث يحيى بن سعيد وما كان مثله من الحديث المسند فمن فاته أول الوقت أن يكون قد فاته من الفضل ما كان خيرا من أهله وماله لأن الفضائل التي يستحق عليها ثواب الآخرة قليلها أفضل من الدنيا وما فيها لا أنه كمن وتر أهله وماله على ما في حديث بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها)) (1) والذي يفيدنا حديث يحيى بن سعيد والحديث المرفوع - تفضيل أول الوقت
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»