الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٦١
دليل على أن العمل كان عندهم ترك * (بسم الله الرحمن الرحيم) * فهذا من جهة العمل وأما من جهة الأثر فحديث العلاء المذكور في هذا الباب عن السائب عن أبي هريرة عن النبي - عليه السلام - اقرؤوا يقول العبد * (الحمد لله رب العالمين) * الحديث ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي)) على حسب ما بينا فيما مضى من هذا الباب مع سائر الآثار التي أوردنا فيه من حديث أنس وعبد الله بن مغفل ((أن النبي عليه السلام وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا لا يقرؤون * (بسم الله الرحمن الرحيم) * وإن كانت معلولة ففيها استظهار على ما جرى عليه العمل بالمدينة على أن الخلاف بالمدينة في هذه المسألة موجود قديما وحديثا ولم يختلف أهل مكة في أن * (بسم الله الرحمن الرحيم) * أول آية من فاتحة الكتاب وقد أفردنا في * (بسم الله الرحمن الرحيم) * كتابا جمعنا فيه الآثار وأقوال أئمة الأمصار لكل فريق منهم سميناه بكتاب ((الإنصاف فيما بين المختلفين في * (بسم الله الرحمن الرحيم) * من الخلاف)) يستغني الناظر فيه إن شاء الله قال أبو عمر قد اعترض أصحاب الشافعي على من احتج على سقوط بسم الله الرحمن الرحيم بقول الله تعالى * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * [النساء 82] والاختلاف في * (بسم الله الرحمن الرحيم) * موجود وبقوله * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * [الحجر 9] فقالوا المعنى في هذه الآية ما عليه العمل في تأويلها بأنه حق كله لا يوجد فيه باطل وحق وما عداه من كلام الناس فيه الحق والباطل قالوا والدليل على صحة ذلك وجود الاختلاف فيه عند الجميع في القراءات وفي الأحكام وفي الناسخ والمنسوخ وفي التفسير وفي الإعراب والمعاني وهذا لا مدفع فيه وأما قوله تعالى * (وإنا له لحافظون) * ففيه قولان لا ثالث لهما أحدهما إنا له لحافظون عندنا قاله مجاهد وغيره والثاني وإنا له لحافظون من أن يزيد فيه إبليس أو غيره أو ينقص إن الهاء في قوله (لحافظون) كناية عن النبي صلى الله عليه وسلم أي لحافظون له من كل من أراده بسوء من أعدائه قال أبو عمر ذكر مالك في هذا الباب عن هشام بن عروة عن أبيه عن
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»