الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٤٥
به أنه من ترك * (بسم الله الرحمن الرحيم) * في فاتحة الكتاب أو غيرها متأولا فلا حرج لأنه لم يقم بإيجاب قراءتها دليل لا معارض له ولا إجماع لأنه لا إجماع في أنها آية إلا في سورة النمل ومن قرأها في فاتحة الكتاب أو غيرها فلا حرج فقد رويت في ذلك آثار كثيرة عن النبي - عليه السلام - مرفوعة وعمل بها جماعة من السلف منهم بن عمر وبن عباس وقد روى بن نافع عن مالك مثل ذلك وسنبين هذا في الباب بعد هذا إن شاء الله وفي ذلك دليل على أن فاتحة الكتاب تقرأ في أول ركعة وحكم كل ركعة كحكم تلك الركعة في القياس والنظر وفي هذا حجة لمن أوجب قراءتها وأما المعنى في قول من قال أم القرآن فهو بمعنى أصل القرآن وأم الشيء أصله كما قيل أم القرى لمكة وقيل لأنها أول ما يقرأ في الصلاة وكرهت طائفة أن يقال لها أم القرآن وقالوا فاتحة الكتاب ولا وجه لما كرهوا من ذلك لحديث أبي هريرة هذا وما كان مثله وفيه أم القرآن وأما قوله - عليه السلام - لأبي ((حتى تعلم سورة ما أنزل الله في القرآن ولا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها)) فمعناه مثلها في جمعها لمعاني الخير لأن فيها الثناء على الله بما هو أهله وما يستحق من الحمد الذي هو له حقيقة لا لغيره لأن كل نعمة وخير فمنه لا من سواه فهو الخالق الرازق ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وهو المحمود على ذلك وإن حمد غيره فإليه يعود الحمد وفيها التعظيم له وأنه رب العالم أجمع ومالك الدنيا والآخرة وهو المعبود المستعان وفيها تعليم الدعاء إلى الهدى ومجانبة طريق من ضل وغوى والدعاء لباب العبادة فهي أجمع سورة للخير وليس في الكتاب مثلها على هذه الوجوه والله أعلم وقد قيل إن معنى ذلك لأنها لا تجزئ الصلاة إلا بها دون غيرها ولا يجزئ غيرها منها وليس هذا بتأويل مجمع عليه وأما قوله ((هي السبع المثاني والقرآن العظيم)) فمعناه عندي هي السبع المثاني التي أعطيت لقوله تعالى * (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) * [الحجر 87] فخرج (والقرآن العظيم) على معنى التلاوة وأولى ما قيل به في تأويل السبع المثاني أنها فاتحة الكتاب لأن القول بذلك أرفع ما روي فيه وهو يخرج في التفسير المسند
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»