الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٢٤
تمادى في صلاته أجزته إلا أن مالكا يرى عليه الإعادة بعد ذلك للأخذ بالأوثق والاحتياط لأداء فرضه فوجه استحبابه أن يقطع ويبتدئ صلاته - رجوعه إلى أصله في إيجاب تكبيرة الإحرام وترك مراعاة من خالف ذلك فرأى له أن يبتدئ فيصلي ما أدرك ويقضي ما فاته على أنه قد يأتي له - رحمه الله - استحباب في موضع الوجوب وإن كان لم ينو بها الافتتاح وإنما كبر للركوع دون نية الافتتاح وذلك في الركعة الثانية (فذلك أحرى) أن يقطع ويبتدئ صلاته كما قد روى عنه بن القاسم وغيره ويكون قوله أحب إلي أن يبتدئ صلاته - من باب استحباب ما يجب فعله فإنه قد يأتي له مثل هذا اللفظ في الواجب أحيانا وقد اضطرب أصحابه في هذه المسألة اضطرابا كثيرا ينقض بعضه ما قد أصلوه في إيجاب تكبيرة الإحرام ولم يختلفوا في وجوبها على المنفرد والإمام كما لم يختلفوا أن الإمام لا يحمل فرضا من فروض الصلاة عمن خلفه فقف على هذا كله من أصولهم بين لك وجه الصواب إن شاء الله ومن اضطرابهم في هذه المسألة تفرقتهم بين تكبير الداخل للركوع دون الإحرام في الركعة الأولى وبين تكبيرة الركوع في الركعة الثانية بما لا معنى لإيراده ولا للاشتغال به كما أنه من راعى في أجوبته قولا لا يصح عنده ولا يذهب إليه فإنه فساد داخل عليه ألا ترى أنه لا يراعى ذلك أحد منهم ولا من غيرهم في غير هذه المسألة من مسائل الوضوء ولا الصلاة ولا الصيام وأكثر أبواب الشرائع والأحكام وبالله التوفيق لا شريك له وفيما ذكرنا ما يبين لك به أن من لم يكبر للإحرام ليس في صلاة ومن ليس في صلاة فلا حاجة به إلى القطع بسلام وهذا موضع قد اضطرب فيه أصحاب مالك أيضا وذلك لمراعاتهم الاختلاف فيما لا تجب مراعاته لأن الاختلاف لا يوجب حكما إنما يوجبه الإجماع أو الدليل من الكتاب والسنة وبذلك أمرنا عند التنازع وأما الثوري فقال إذا وجدت الإمام راكعا فكبر تكبيرة تنوي بها الافتتاح وكبر أخرى للركوع وكذلك إذا وجدته ساجدا كبر تكبيرة للافتتاح ثم كبر أخرى
(٤٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»