الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٠٢
ورخصت طائفة من العلماء في الكلام في الأذان منهم الحسن وعروة وعطاء وقتادة وإليه ذهب أحمد بن حنبل وروي عن سليمان بن صرد أنه كان يأمر غلامه بالحاجة في أذانه وروى الوليد بن مزيد عن الأوزاعي قال لا بأس برد السلام في أذانه ولا يرد في الإقامة قال الأوزاعي ما سمعت أن مؤذنا قط أعاد أذانه وقد زدنا في التمهيد هذا الحديث بيانا والحمد لله 133 - وأما حديث مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يزيد على الإقامة في السفر إلا في الصبح (1) فإنه كان ينادي فيها ويقيم وكان يقول إنما الأذان للإمام الذي يجتمع الناس إليه فيدل على ما قد مضى في الباب قبل هذا من مذهب من قال الأذان غير واجب في السفر لكنه سنة حسنة فمن شاء فعل ومن شاء ترك 134 - ومثله حديثه عن هشام بن عروة أن أباه قال له إذا كنت في سفر فإن شئت أن تؤذن وتقيم فعلت وإن شئت فأقم ولا تؤذن وذلك نحو رواية بن القاسم عن مالك أن الأذان إنما يجب في الحضر عند الجماعات والحجة له أن المسافر قد سقطت عنه الجمعة فكذلك الجماعة ولا معنى للتأذين إلا ليجتمع الناس وحجة من قال إن المكتوبات تقام بأذان وإقامة في الحضر والسفر إجماع المسلمين على الأذان لها في الأمصار وأن ذلك من سنتها فلا تسقط تلك السنة في السفر إذ لم يجمعوا على سقوطها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن له في السفر والحضر ويأمر بذلك وقد أجمعوا على أنه جائز للمسافر الأذان وأنه محمود عليه مأجور فيه فدل على أن ذلك ليس كما قال من زعم أنه لا معنى له إلا ليجتمع الناس وأن لذلك فضلا كثيرا
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»