الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٨٦
اقتداء بالسلف وفرارا من شر الناس واعتزالا عنهم ولكن في البعد عن الجماعة والجمعة ما فيه من البعد عن الفضائل إلا أن الزمان إذا كثر فيه الشر وتعذرت فيه السلامة طابت العزلة والجليس الصالح - إذا وجد - خير من العزلة والوحدة وقد روى مالك بهذا الإسناد عن النبي - عليه السلام - ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)) (1) وأما قوله ((فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة)) فالمدى الغاية حيث ينتهي الصوت فأما فهم الجماد والموات فلا يدرك كيفيته ذلك إلا الله وفي قوله تعالى * (يا جبال أوبي معه) * [سبأ 10] أي سبحي معه وقوله تعالى " وإن من شيء إلا يسبح بحمده " [الإسراء 44] وقوله * (فما بكت عليهم السماء والأرض) * [الدخان 25] - ما يشهد لهذا المعنى وقد أوضحنا فيما مضى وجه قول من قال إنه على الحقيقة ومن حمله على المجاز والحمد لله وسنذكر في العزلة وفضلها ما حضرنا في موضعه من كتابنا ونذكر اختلاف العلماء في الأذان في السفر في الباب بعد هذا إن شاء الله 128 - وأما حديثه عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال ((إذا نودي للصلاة (2) أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع النداء (فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة (3) أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر (4) بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»