الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣١٣
وقد ذكرنا طرق هذا الحديث في ((التمهيد)) واختلافهم في إسناده وألفاظه إلا أنهم لم يختلفوا عن بن شهاب في هذا الحديث أن التيمم إلى المناكب وهو حجة لابن شهاب فيما ذهب من ذلك إليه مع أن اللغة تقضي أن اليدين من المناكب إلا أن الحديث بذلك ليس فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك والآثار عن النبي - عليه السلام - أنه أمر بالتيمم إلى المرفقين وإلى الكوعين كثيرة وقد يحتمل أن يكون من تيمم عند نزول الآية إلى المناكب أخذ بظاهر الكلام وما تقتضيه اللغة من عموم لفظ الأيدي ثم أحكمت الأمور بعد بفعل النبي - عليه السلام - وأمره بالتيمم إلى المرفقين وروي عنه إلى الكوعين كما روي ضربة واحدة وضربتان وكل ذلك صحيح عنه وصار من ذلك الفقهاء كل إلى ما رواه وما أداه إليه اجتهاده ونظره وأجمع العلماء على أن الطهارة بالتيمم لا ترفع الجنابة ولا الحدث إذا وجد الماء إلا شيء روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن رواه بن جريج وعبد الحميد بن جبير بن شيبة عنه ورواه بن أبي ذئب عن عبد الرحمن بن حرملة عنه أنه قال في الجنب المتيمم يجد الماء إنه على طهارة ولا يحتاج إلى غسل ولا وضوء حتى يحدث وأما سائر العلماء الذين هم الحجة على من خالف جميعهم فقالوا في الجنب إذا تيمم ثم وجد الماء إنه يلزمه الغسل لما يستقبل حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر أنه سمع أبا ذر يقول كنت أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ((يا أبا ذر إن الصعيد طيب طهور وإن لم تجد الماء عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسسه جلدك)) (1) ورواه سفيان الثوري وغيره عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر أنه سمعه يقول قال لي رسول الله ((إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجده فليمسسه بشرته)) وقد روي عن أبي سلمة فيمن تيمم وصلى ثم يجد الماء في الوقت أنه يتوضأ ويعيد الصلاة
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»