الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٧٩
وليس ذلك عليه الوضوء في شيء مسته النار غير لحم الجزور وقال أحمد بن حنبل فيه حديثان صحيحان حديث البراء وحديث جابر بن سمرة يعني عن النبي عليه السلام وقد ذكرت الحديثين في التمهيد وممن قال بقول أحمد بن حنبل في إيجاب الوضوء من لحم الجزور إسحاق وأبو ثور ويحيى بن يحيى النيسابوري وأبو خيثمة زهير بن حرب وهو قول محمد بن إسحاق وأما مالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث بن سعد والأوزاعي فكلهم لا يرون في شيء مسته النار وضوءا لحم جزور كان أو غيره لأن أكثر الأحاديث فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل خبزا ولحما وأكل كتفا ونحو هذا ولم يخص لحم إبل من غير لحم إبل وفي حديث سويد بن النعمان إباحة اتخاذ الزاد في السفر وفي ذلك رد على الصوفية الذي يقولون لا ندخر بعد فإن غدا له رزق جديد وفي قول الله تعالى للحاج * (وتزودوا) * [البقرة 197] ما يغني ويكفي قال أهل التفسير السويق الكعك وفيه ما يلزم من المؤاساة عند نزول الحاجة وأن للسلطان أن يأخذ الناس ببيع فضول ما بأيديهم من الطعام بثمنه إذا اشتدت الحاجة إليه وما كان منه نزرا اجتهد فيه بلا بدل ونحو هذا لأن المسلم أخو المسلم عليه أن ينصره ويواسيه ولا يجوز له ما استطاع ولا يحل له أن يعلم أن جاره طاو إلى جنبه وهو شبعان ولا يرمقه بما يمسك مهجته وقد أوضحنا هذا المعنى في موضعه من هذا الكتاب وقوله في السويق ((فأمر به فثري)) يعني أنه بل بالماء لما كان لحقه من اليبس والقدم وفي حديث عمر دليل على أنه كان معه غيره وفي ذلك إباحة اتخاذ الطعام والدعاء إليه - للسلطان وغيره وأما حديث أنس حيث قال له أبي بن كعب وأبو طلحة أعراقية فقد زعم بعضهم أن عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري الذي روى عن أنس هذا الحديث مجهول وذكر أن حديثه ذلك منكر لأن أبي بن كعب توفي سنة عشرين في خلافة عمر ولم
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»