الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٣
وقد أوضحنا جهل عمر بن عبد العزيز والمغيرة بن شعبة لنزول جبريل - بمواقيت الصلاة في كتاب ((التمهيد)) وأنهما إنما جهلا من ذلك نزول جبريل بفرض أوقات الصلوات وكانوا يعتقدون ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن القرآن ليس فيه آية مفصحة بذلك ترفع الإشكال ولو كانت فيه آية تتلى ما جهلها عمر بن عبد العزيز ولا مثله من العلماء وقد جاز على كثير منهم جهل كثير من السنن الواردة على ألسنة خاصة العلماء ولا أعلم أحدا من الصحابة إلا وقد شذ عنه بين علم الخاصة واردة بنقل الآحاد أشياء حفظها غيره وذلك على من بعدهم أجوز والإحاطة ممتنعة على كل أحد وفي هذا الحديث دليل على أن وقت الصلاة من فرائضها وأنها لا تجزئ قبل وقتها وهذا لا خلاف فيه بين العلماء إلا شيء روي عن أبي موسى الأشعري وعن بعض التابعين وقد انعقد الإجماع على خلافه فلم نر لذكره وجها لأنه لا يصح عندي عنهم وقد صح عن أبي موسى خلافه بما يوافق الجماعة فصار اتفاقا صحيحا والوقت أول فرائض الصلاة لأنه لا يلزم الوضوء لها إلا بعد دخول وقتها والمتوضئ قبل الوقت متبرع مبادر إلى فضل ومتأهب لفرض ومن الدليل أيضا على أن الأوقات أيضا من فرائض الصلوات مع ما ذكرنا من حديث الباب والإجماع - قول الله تعالى " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا " [الإسراء 78] قال مالك أوقات الصلاة في كتاب الله قوله تعالى * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * يعني الظهر والعصر * (إلى غسق الليل) * يعني المغرب والعشاء " وقرءان الفجر " يعني صلاة الفجر وقد قال ذلك قبله جماعة من العلماء بتأويل القرآن منهم بن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم وروي عن بن عباس أيضا وطائفة أنهم قالوا أوقات الصلوات في كتاب الله تعالى قوله * (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) * [الروم 17] ف حين تمسون) المغرب والعشاء وحين تصبحون) الصبح * (وعشيا) * [الروم 18] العصر وحين تظهرون) الظهر ثم قال * (ومن بعد صلاة العشاء) * [النور 58] وهذا كله قد جاء عن السلف وليس فيه ما يقطع به ولا يعتمد عليه لأن التسبيح إذا أطلق عليه فإنما يراد به الذكر قول سبحان الله وهي كلمة تنزيه الله - تبارك اسمه - عن كل ما نزه عنه نفسه
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»