الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١١١
وأما قوله في صلاة المنافقين إنها كانت عند اصفرار الشمس فذلك ذم منه لمن آخر صلاته ذاكر إلى ذلك الوقت وتحذير من التشبه بأفعال المنافقين الذين كانوا لا يأتون الصلاة إلا كسالى وقد كان من أمراء بني أمية من لا يصلي إلا ذلك الوقت وبعده ولذلك قال حذيفة بن اليمان - رحمه الله - قال كان المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرون النفاق وأنتم تجهرون به وفي حديث أنس هذا دليل على أن قوله - عليه السلام ((من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) إنما ذلك لأصحاب الضرورات كما قال مالك ومن تابعه لا لأن لأحد أن يتعمد فيضع صلاته ذلك الوقت وقد مضى في أول هذا الكتاب في هذا المعنى ما يغني عن إعادته ها هنا وما أعلم حديثا أبين من الرد على إسحاق وداود في قولهما في حديث أبي هريرة عن النبي عليه السلام ((من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) الحديث إن ذلك لكل أحد من أصحاب الضرورات وغيرهم - من حديث أنس هذا من رواية يعلى بن عبد الرحمن وقد ذكرناه من طرق في ((التمهيد)) بألفاظ مختلفة ومعنى واحد وفيها عن العلاء أن الذي صلى معه الظهر يومئذ خالد بن عبد الله بن أسيد القشيري بالبصرة ثم دخل بأثر ذلك على أنس بن مالك فوجده يصلي العصر وقد حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى المازني عن خالد بن خلاد قال صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر يوما ثم دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه [قائما يصلي العصر فقلنا إنما انصرفنا الآن من الظهر مع عمر فقال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم] يصلي هذه الصلاة هكذا فلا أتركها أبدا 29 - مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا يتحر أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها)) قال أبو عمر يحتمل قوله ((لا يتحر أحدكم)) وجهين
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»