من فتن وحروب واضطرابات، لم تتوقف الحركة العلمية، بل كان سوء الأحوال حافزا للعلماء إلى الاستزادة من طلب العلم والإقبال عليه، فظهر علماء جهابذة أثروا المكتبة الإسلامية بتأليف ومصنفات، كانت مصدر فخر وعز لأجيال المسلمين.
ومن مميزات هذا العصر انتشار دور العلم، وظهور ما يسمى بالمدارس، وخاصة في نيسابور، قال المقريزي: " والمدارس مما حدث في الإسلام، ولم تكن تعرف في زمن الصحابة ولا التابعين، وإنما حدث عملها بعد الأربعمائة من سني الهجرة، وأول من حفظ عنه أنه بنى مدرسة في الإسلام أهل نيسابور، فبنيت بها المدرسة البيهقية، وبنى بها أيضا الأمير نصر بن سبكتكين مدرسة، وبنى بها أخو السلطان محمود بن سبكتكين مدرسة، وبنى بها أيضا المدرسة السعيدية، وبنى بها أيضا مدرسة رابعة "، وقال آدم متز: " ويدل مجموع الأخبار التي انتهت إلينا على أن نيسابور كانت مهد هذه المعاهد ".
وفي هذا دلالة واضحة على انتعاش الحركة العلمية في نيسابور، وأنها أصبحت من المدن المهمة التي يؤمها العلماء وطلاب العلم، حتى قال الخطيب البغدادي: " أول ما سمعت في المحرم سنة ثلاثة واستشرت البرقاني في الرحلة إلى عبد الرحمن بن النحاس بمصر، أو أخرج إلى نيسابور؟ فقال:
إن خرجت إلى نيسابور ففيها جماعة، فخرجت إلى نيسابور ".
وهكذا انتشرت دور العلم (المدارس) في جميع أرجاء الديار الإسلامية، وساعد على انتشارها تشجيع بعض الأمراء والسلاطين، منهم