سنن الدارقطني - الدارقطني - ج ٣ - الصفحة ١٢٢
أصحابه عند ذلك فرح فرحا لم يروه فرح مثله، من موافقة فتياه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كانت هذه صفته وهذا حاله، فكيف يصح عنه أن يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ويخالفه، ويشهد أيضا لرواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه ما رواه وكيع وعبد الله بن وهب وغيرهما، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: دية الخطأ أخماسا.
3333 - حدثنا به القاضي المحاملي، نا العباس بن يزيد، نا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله قال: " دية الخطأ أخماسا ".
ثم فسرها كما فسرها أبو عبيدة وعلقمة عنه سواء، فهذه الرواية وإن كان فيها إرسال، فإبراهيم النخعي هو أعلم الناس بعبد الله وبرأيه وبفتياه، قد أخذ ذلك عن أخواله علقمة والأسود وعبد الرحمن ابني يزيد وغيرهم، من كبراء أصحاب عبد الله وهو القائل: إذا قلت لكم: قال عبد الله بن مسعود فهو عن جماعة من أصحابه عنه، وإذا سمعته من رجل واحد سميته لكم، ووجه آخر وهو أن الخبر المرفوع الذي فيه ذكر بني المخاض لا نعلمه رواه إلا خشف بن مالك عن ابن مسعود، وهو رجل مجهول، ولم يروه عنه إلا زيد بن جبير بن حرمل الجشمي، وأهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان رواته عدلا مشهورا، أو رجل قد أرتفع اسم الجهالة عنه، وارتفاع أسم الجهالة عنه أن يروى عنه رجلان فصاعدا، فإذا كان هذه صفته أرتفع عنه اسم الجهالة، وصار حينئذ معروفا، فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد، انفرد بخبر، وجب التوقف عن خبره ذلك، حتى يوافقه غيره، والله أعلم. ووجه آخر أن خبر خشف ابن مالك لا نعلم أن أحدا رواه عن زيد بن جبير عنه إلا حجاج بن أرطاة، والحجاج فرجل مشهور بالتدليس وبأنه يحدث عن من لم يلقه ومن لم يسمع منه، قال أبو معاوية الضرير: قال لي حجاج:
لا يسألني أحد عن الخبر يعني إذا حدثتكم بشئ، فلا تسألوني من أخبرك به، وقال يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة: كنت عند الحجاج بن أرطاة يوما فأمر بغلق الباب، ثم قال: لم أسمع من الزهري شيئا، ولم أسمع من إبراهيم ولا من الشعبي إلا حديثا واحدا، ولا من فلان ولا من فلان، حتى عد سبعة عشر أو بضعة عشر، كلهم قد روى عنه الحجاج، ثم زعم بعد روايته عنهم أنه لم يلقهم ولم يسمع منهم، وترك الرواية عنه سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعيسى بن يونس بعد أن جالسوه وخبروه، وكفاك بهم علما بالرجال ونبلا، قال سفيان بن عيينة: دخلت على الحجاج بن أرطاة، وسمعت كلامه فذكر شيئا أنكرته، فلم أحمل عنه شيئا، وقال يحيى بن سعيد القطان: رأيت
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست