قيل له صدقت قد سميت المرأة جارة لزوجها ليس لان لحمها مخالط للحمه ولا دمها مخالط لدمه ولكن لقربها منه فكذلك الجار سمى جارا لقربه من جاره لا لمخالطته إياه فيما جاوره به وأنت فقد زعمت أن الآثار على ظاهرها فكيف تركت الظاهر في هذا ومعه الدلائل وتعلقت بغيره مما لا دلالة معه ثم قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا من إيجابه الشفعة بالجوار وتفسيره ذلك الجوار ما قد حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو أسامة عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد قال قلت يا رسول الله أرض ليس فيها لأحد قسم ولا شريك إلا الجوار بيعت قال الجار أحق بسقبه فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الجار أحق بسقبه جوابا لسؤال الشريد إياه عن أرض منفردة لا حق لأحد فيها ولا طريق فدل ما ذكرنا أن الجار الملازق تجب له الشفعة بحق جواره فقد ثبت بما روينا من الآثار في هذا الباب وجوب الشفعة بكل واحد من معان ثلاثة بالشرك في البيع بيع منه ما بيع وبالشرك في الطريق إليه وبالمجاورة له فليس ينبغي ترك شئ منها ولا حمل بعضها على التضاد وإذا كانت قد خرجت على الاتفاق من الوجوه التي ذكرنا على ما شرحنا وبينا في هذا الباب فإن قال قائل فقد جعلت هؤلاء الثلاثة شفعا بالأسباب التي ذكرت فلم أوجبت الشفعة لبعضهم دون بعض إذا حضروا وطالبوا بها وقدمت حق بعضهم فيها على حق بعض ولم تجعلها لهم جميعا إذ كانوا كلهم شفعاء قيل له لان الشريك في الشئ المبيع خليط فيه وفي الطريق إليه فمعه من الحق في الطريق مثل الذي مع الشريك في الطريق ومعه اختلاط ملكه بالشئ المبيع وليس ذلك مع الشريك في الطريق فهو أولى منه ومن الجار الملازق ومع الشريك في الطريق شركة في الطريق وملازقة للشئ المبيع فمعه من أسباب الشفعة مثل الذي مع الجار الملازق ومعه أيضا ما ليس مع الجار الملازق من اختلاط حق ملكه في الطريق بملكه فيه فلذلك كان عندنا أولى بالشفعة منه وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين وقد روي ذلك عن شريح حدثنا أحمد بن داود قال ثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن هشام
(١٢٤)