فعلى طريق التنبيه واسم للعلة (1) في العلل الشرعية، إنما كان مستعارا لما ذكرناه وكون الرعية غير معصومين، أو جواز الخطأ عليهم، ليس بجواز (2) أن يكون علة على الحقيقة، وإنما هو وجه احتيج إلى الإمام من أجله، فأجريناه استعارة مجرى العلة فيه، فكيف يلزم فيه أن الحكم يوجد بوجوده ويرتفع بارتفاعه، وهذا إنما يصح ويجب للعلل الحقيقية.
ألا ترى أنا كلنا نقول: إن كون الظلم ظلما علة في قبحه، وليس يجب أن يرتفع القبح عند ارتفاع كون الفعل ظلما، لأن الكذب قبيح وإن لم يكن ظلما وكذلك تكليف ما لا يطاق.
وكذلك رد الوديعة كونه رادا لها علة في وجوبه، وليس يجب إذا ارتفعت هذه العلة أن يرتفع الوجوب، لأنه قد شارك رد الوديعة [كونه رد الوديعة (3)] في الوجوب ما ليس له هذه الصفة، كقضاء الدين وشكر النعمة.
فقد بان أنا لو عللنا الحاجة إلى الإمام بارتفاع العصمة، ولم نورد عزيز الذي ذكرناه لم يلزمنا أن ينفي (4) الحاجة عمن ليس بمعصوم، لأن العلل قد يخلف بعضها بعضا على ما ذكرناه.
وقد زاد أهل التوحيد والعدل على هذه الجملة التي ذكرناها، فقالوا:
ليس يمتنع أن يجب الحكم على الحقيقة في موضع ويجب في مكان آخر مع ارتفاعها. ومثلوا ذلك بأن العلم الموجود في قلوبنا يوجب كوننا [عالمين] بالمعلومات. وقد وقع حسب للقديم تعالى مثل هذه الأحوال بأعيانها ولا علم