كتاب الهواتف - ابن أبي الدنيا - الصفحة ١٠٣
أبي ياسين قال:
" كنا مع الحسن قعودا في المسجد، فقام فانصرف إلى أهله، وقعدنا بعده نتحدث في مشيخة من أصحابه. قال: فدخل بدوي من بعض أعراب بني سليم المسجد، فجعل يسأل من يدلني على الحسن البصري؟ فقلت له: أقعد فقعد.
فقلت: ما حاجتك؟ قال: إني رجل من أهل البادية، وكان لي أخ من أشد قومه، فعرض له بلاء فلم يزل به حتى شددناه في الحديد، وكنا معه في عباء، فبينا نحن نتحدث في نادينا إذا (هاتف يقول): السلام عليكم، ولا نرى أحدا، فرددنا عليه، فقال: يا هؤلاء إنا جاورناكم فلم نر بجواركم له بأسا، ولم نر منكم إلا خيرا، وإن سفيها لنا تعرض لصاحبكم هذا، فأردناه على تركه فأبى، فلما رأينا ذلك أحببنا أن نعتذر إليكم، يا فلان لأخيه: أنظر إذا كان يوم كذا وكذا، فاجمع قومك، ثم شده، واستوثقوا منه، فإنه إن يفلتكم ذلك لم تقدروا عليه أبدا، ثم أحمله على بعير فأت به وادي كذا وكذا، ثم خذ من بقلة الوادي قرصة، ثم أوجره إياه، وإياك أن ينفلت منكم، فإنه إن ينقلب لم تقدروا عليه أبدا، فاستوثقوا منه. فقلت: رحمك الله فمن يدلني على هذا الوادي، وعلى هذا البقل؟ قال: إذ كان ذلك اليوم فإنك تسمع صوتا أمامك فاتبع الصوت، فلما كان ذلك اليوم جمعت قومي، فإذا أخي ليس بالذي كان قوة وشدة، فلم نزل نعالجه حتى استوثقناه، ثم حملته على بعير، فإذا أنا بصوت أمامي: إلي، فلم نزل نتبع الصوت وهو يقول: إلي فلان، استوثقوا منه فإنه إن ينفلت منه فلن تقدروا عليه أبدا. ثم قال اهبط هذا الوادي، وقال: أنخ، واستوثقوا منه، فإذا صاحبنا ليس بالذي كان شدة وقوة، فاستوثقنا منه فقال: يا فلان قم فخذ من هذا البقل فافعل كذا وكذا. حتى فعلنا ما أمرنا وهو يقول: استوثقوا منه فإنه إن ينفلت لم تقدروا عليه. قال: فإذا نحن لا نطيق صاحبنا، فجعل ينادي استوثقوا منه، حتى أوثقناه، فلما وقع في جوفه جلا عنا، وعن نفسه، وفتح عينيه فأقبل إلينا، فقال: يا أخي ما بلغ من أمري حتى فعلتم بي هذا؟ قال: قلت: يا أخي لا تسألنا. كان قال يا أخي أخبرني ما
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست