فجاء من أمرهم أمر عجيب وخرجوا عند الشك إلى تهمته والادعاء عليه! فأرسل علي إلى الأشتر أن أقبل الساعة فقد وقعت الفتنة.
فإن قال قائل: فهلا (1) ترك الأشتر يمضي على بصيرته؟
قلنا: لو فعل ذلك ازدادوا شكا وحيرة ولدعاهم ذلك إلى قتله وقد تهددوه بذلك.
فرجع الأشتر [عن ساحة القتال وخاطب رسول أمير المؤمنين] فقال: الرفع هذه المصاحف دعوتموني؟ قالوا: نعم. قال: أما والله لقد ظننت إذ رفعت أنها ستلقي اختلافا وفرقة!! أما إنها من مشورة ابن النابغة.
ثم قال [لرسول أمير المؤمنين]: ألا ترى الفتح، أما ترى ما يلقون؟ أيسعني أن أنصرف عن هذا وأدعه، وقد صنع الله لنا ونصرنا (2).
فقال [له] بعض القوم: أتحب أنك ظفرت ها هنا وأمير المؤمنين بمكانه يتفرق عنه ويسلم إلى عدوه أو يقتل؟ قال: سبحان الله لا والله. قال: فإنهم قد قالوا: لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلك كما قتلنا ابن عفان!!
فأقبل عليهم الأشتر فقال: يا أهل العراق يا أهل الذل والوهن، أحين علوتم القوم وظنوا أنكم لهم قاهرون، رفعوا المصاحف يدعوكم إلى ما فيها، وقد والله تركوا ما أمر [ه] الله [به] فيها، وتركوا سنة من أنزل عليه الكتاب، مهلا [لا] تجيبوهم وأمهلوني فإني قد أحسست بالفتح. فأبوا عليه! قال: فأمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر.
فقالوا: إذا ندخل معك في خطيئتك. قال: فحدثوني عنكم - وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم - متى كنتم محقين؟ أحين كنتم تقاتلون، وخياركم مقتولون؟ فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون؟ أم أنتم الآن محقون وقتلاكم الذين كنتم لا تنكرون