عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ٩١
أي: حتى ينشئ الله خلقا فيسكنهم من الإسكان فضل الجنة أي: الموضع الذي فضل منها وبقي عنهم، ويروى: أفضل بصيغة. أفعل التفضيل. فقيل: هو مثل: الناقص والأشج أعد لابني مروان، يعني: عاد لابني مروان. وفيه: أن دخول الجنة ليس بالعمل.
8 ((باب قول الله تعالى: * (وقالوا لولا نزل عليه ءاية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل ءاية ولاكن أكثرهم لا يعلمون) * أي: هذا باب في قوله تعالى: * (وقالوا لولا نزل عليه ءاية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل ءاية ولاكن أكثرهم لا يعلمون) * أي: بكلمة الحق، وهي قوله: كن، وقيل: ملتبسا بالحق لا بالباطل، وذكر ابن التين أن الداودي قال: إن الباء هاهنا بمعنى اللام أي: لأجل الحق. قلت: ذكر النحاة أن الباء تأتي لأربعة عشر معنى ولم يذكروا فيها أنها تجيء بمعنى اللام، وقال ابن بطال: المراد بالحق هاهنا ضد الهزل، وقيل: يقال لكل موجود من فعل الله تعالى يقتضي الحكمة حق، ويطلق على الاعتقاد في الشيء المطابق في الواقع، ويطلق على الواجب واللازم الثابت والجائز، وعن الحليمي: الحق ما لا يسع إنكاره ويلزم إثباته والاعتراف به، ووجود الباري أولى ما يجب الاعتراف به ولا يسع جحوده إذ لا مثبت تظاهرت عليه البينة ما تظاهرت على وجوده عز وجل.
7385 حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن سليمان، عن طاوس عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: كان النبي يدعو من الليل: اللهم لك الحمد أنت رب السماوات والأرض لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض، ومن فيهن، لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، قولك الحق ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت، وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وأسررت وأعلنت، أنت إلاهي لا إلاه لي غيرك ا مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: أنت رب السماوات والأرض لأن معناه: أنت مالك السماوات والأرض وخالقهما.
وقبيصة بفتح القاف ابن عقبة، وسفيان هو الثوري، وابن جريج عبد الملك، وسليمان الأحول.
والحديث مضى في صلاة الليل عن علي بن عبد الله وفي الدعوات عن عبد الله بن محمد، ومضى الكلام فيه.
الليل أي: في الليل أو من قيام الليل. قوله: رب السماوات الرب السيد والمصلح والمالك. قوله: أنت قيم السماوات أي: مدبرها ومقومها. قوله: نور السماوات أي: منورها وهو من جملة صفات الفعل، وقد مر تفسير الحق. قوله: وعدك حق من عطف الخاص على العام لأن الوعد أيضا قول. قوله: لقاؤك المراد باللقاء البعث. قوله: إليك أنبت أي: رجعت إلى عبادتك. قوله: وبك خاصمت أي: ببراهينك التي أعطيتني خاصمت الأعداء. قوله: وإليك حاكمت يعني: من جحد الحق حاكمته إليك أي: جعلتك حاكما بيني وبينه لا غيرك مما كانت الجاهلية تتحاكم إلى الصنم ونحوه. قوله: فاغفر لي سؤاله المغفرة تواضع منه أو تعليم لأمته.
حدثنا ثابت بن محمد حدثنا سفيان بهذا، وقال: أنت الحق وقولك الحق.
أشار بهذا إلى أن في رواية قبيصة سقط منها: أنت الحق قبل قوله: قولك الحق وثبت في رواية ثابت بالثاء المثلثة في أوله ابن محمد العابد البناني بضم الباء الموحدة وتخفيف النون الأولى عن سفيان الثوري. قوله: بهذا، أي: بالسند المذكور والمتن، وسيأتي بيانه في: باب قوله تعالى: * (وجوه يومئذ ناضرة) * 9 ((باب قول الله تعالى: * (من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وكان الله سميعا بصيرا) *)) أي: هذا باب في قول الله تعالى: * (من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وكان الله سميعا بصيرا) * غرضه من هذا الرد على المعتزلة حيث قالوا: إنه سميع بلا سمع، وعلى من قال: معنى السميع العالم بالمسموعات لا غير، وقولهم هذا يوجب مساواته تعالى للأعمى والأصم الذي يعلم أن السماء خضراء ولا يراها، وأن في العالم أصوتا ولا يسمعها، وفساده ظاهر، فوجب كونه سميعا بصيرا مفيدا أمرا زائدا على ما يفيد كونه
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»