عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١٨٦
جارك فأنزل الله تصديقها * (والذين لا يدعون مع الله إلاها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذالك يلق أثاما) * الآية ا مطابقته للترجمة من حيث أن يكون نزول الآية المذكورة قبل الحديث، وأن النبي استنبط منها هذه الأشياء الثلاثة وبلغها فيكون الحديث مما تضمنته الآية فيدخل فيها وفي تبليغها.
والحديث مضى عن قريب بعين هذا الإسناد والمتن في: باب قول الله تعالى: * (الذى جعل لكم الارض فراشا والسمآء بنآء وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) * ومضى الكلام فيه.
47 ((باب قول الله تعالى: * (كل الطعام كان حلا لبنى 1764; إسراءيل إلا ما حرم إسراءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) *)) أي: هذا باب في قول الله عز وجل: * (قل فأتوا بالتوراة) * وسبب نزولها ما روي عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: كان إسرائيل اشتكى عرق النساء فكان له صياح فقال: إن أبرأني الله من ذلك لا آكل عرقا. وقال عطاء: لحوم الإبل وألبانها. قال الضحاك: قال اليهود لرسول الله، حرم علينا هذا في التوراة، فأكذبهم الله تعالى وأخبر أن إسرائيل حرم على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ودعاهم إلى إحضارها، فقال: * (قل فأتوا بالتوراة) * الآية ثم إن غرض البخاري من هذه الترجمة أن يبين أن المراد بالتلاوة القراءة، وقد فسرت التلاوة بالعمل، والعمل من فعل الفاعل، وسيظهر الكلام وضوحا مما يأتي الآن.
وقول النبي أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها، وأعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به، وأعطيتم القرآن فعملتم به وقول النبي، بالجر عطفا على قول الله تعالى: * (قل فأتوا بالتوراة) * والمقصود من ذكر هذا وما بعده ذكر أنواع التسليم الذي هو الغرض من الإرسال والإنزال وهو التلاوة والإيمان به والعمل به، وهذا المعلق يأتي الآن في آخر الباب موصولا بلفظ: أوتي وأوتيتم، وقد مضى في اللفظ المعلق: أعطي وأعطيتم، في باب المشيئة والإرادة في أوائل كتاب التوحيد.
وقال أبو رزين: يتلونه يتبعونه ويعملون به حق عمله.
أبو رزين بفتح الراء وكسر الزاي وسكون الياء آخر الحروف وبالنون هو ابن مسعود مالك الأسدي التابعي الكبير الكوفي. وفسره قوله تعالى: * (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولائك يؤمنون به ومن يكفر به فأولائك هم الخاسرون) * بقوله: يتبعونه ويعملون به حق عمله، كذا في رواية أبي ذر، وفي رواية غيره: يتلونه يتبعونه ويعملون به حق عمله، ووصله سفيان الثوري في تفسيره من رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عنه عن منصور بن المعتمر عن أبي رزين فذكره.
يقال: يتلاى يقرأ، حسن التلاوة حسن القراءة للقرآن.
أراد بهذا أن معنى التلاوة القراءة، والدليل عليه أنه يقال: فلان حسن التلاوة، ويقال أيضا: حسن القراءة. قوله: للقرآن، يعني لقراءة القرآن، والفرق بينهما أن التلاوة تأتي بمعنى الاتباع وهي تقع بالجسم تارة، وتارة بالاقتداء في الحكم، وتارة بالقراءة وتدبر المعنى. قال الراغب: التلاوة في عرف الشرع تختص باتباع كتب الله المنزلة: تارة بالقراءة وتارة بامتثال ما فيها من أمر ونهي، وهي أعم من القراءة، فكل قراءة تلاوة من غير عكس.
لا يمسه: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن، ولا يحمله بحقه إلا الموقن لقوله تعالى: * (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بئايات الله والله لا يهدى القوم الظالمين) *
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»