عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ٨
فأنتم له أهل، ولن يعرف هاذا الأمر إلا لهاذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا، وقد رضيت لكم أحد هاذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا، فلم أكره مما قال غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذالك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسول إلي نفسي عند الموت شيئا لا أجده الآن، فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، فقلت: قتل الله سعد بن عبادة. قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقواى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرضاى وإما نخالفهم فيكون فساد، فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا.
مطابقته للترجمة في قوله: إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المدني، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن، وصالح بن كيسان.
قوله كنت أقرىء بضم الهمزة من الإقراء أي: كنت اقرىء قرآنا وفيه دلالة على أن العلم يأخذه الكبير عن الصغير، وأغرب الداودي فقال: يعني يقرأ عليهم ويلقنونه، واعترضه ابن التين وقال: هذا خروج عن الظاهر. قوله: في آخر حجة حجها يعني عمر رضي الله عنه، وكان ذلك في سنة ثلاث وعشرين. قوله: إذ رجع جواب قوله: فبينما قوله: إلي بتشديد الياء. قوله: لو رأيت رجلا جزاؤه محذوف تقديره: لرأيت عجبا، أو كلمة: لو، للتمني فلا تحتاج إلى جواب. قوله: هل لك في فلان؟ لم يدر اسمه. قوله: لو قد مات عمر كلمة: قد، مقحمة لأن لو، لازم أن يدخل على الفعل، وقيل: قد، في تقدير الفعل ومعناه: لو تحقق موت عمر. قوله: لقد بايعت فلانا يعني: طلحة بن عبيد الله، وقال الكرماني: هو رجل من الأنصار وكذا نقله ابن بطال عن المهلب، لكن لم يذكر مستنده في ذلك. قوله: إلا فلتة بفتح الفاء وسكون اللام وبالتاء المثناة من فوق أي: فجأة يعني: بايعوه فجأة من غير تدبر. قوله: وتمت أي: وتمت المبايعة عليه. قوله: أن يغصبوهم أمرهم كذا هو في رواية الجمع بغين معجمة وصاد مهملة، وفي رواية مالك: يغتصبوهم بزيادة تاء الافتعال ويروى: أن يغصبونهم، وهي لغة كقوله تعالى: البقرة: 237 بالرفع وهو تشبيههم أن بما المصدرية فلا ينصبون بها، أي: الذين يقصدون أمورا ليس ذلك وظيفتهم ولا لهم مرتبة ذلك فيريدون مباشرتها بالظلم والغصب، وحكى ابن التين أنه روي بالعين المهملة وضم أوله: من أعصب، أي: صار لا ناصر له، والمعصوب الضعيف من أعصبت الشاة إذا انكسر أحد قرنيها أو قرنها الداخل وهو المشاش، والمعنى: أنهم يغلبون على الأمر فيضعف لضعفهم. قوله: رعاع الناس بفتح الراء وبعينين مهملتين وهم الجهلة الأراذل والغوغاء بغينين معجمتين بينهما واو ساكنة، وهو في الأصل: الجراد الصغار حين يبدأ في الطيران ويطلق على السفلة المتسرعين إلى الشر. قوله: يغلبون على قربك أي: هم الذين يكونون قريبا منك عند قيامك للخطبة لغلبتهم، ولا يتركون المكان القريب إليك لأولي النهى من الناس، ووقع في رواية الكشميهني وأبي زيد المروزي: قرنك، بكسر القاف وبالنون وهو خطأ، وفي رواية ابن وهب عن مالك: على مجلسك إذا قمت في الناس. قوله: يطيرها بضم الياء من الإطارة يقال: أطار الشيء إذا أطلقه. قوله: كل مطير بالرفع فاعل: يطيرها والضمير المنصوب فيه يرجع إلى المقالة، و: مطير، بضم الميم اسم فاعل من الإطارة،
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»