عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ٦٢
أخذتهم السماء، فدخلوا في غار في الجبل فانهجم الغار على الخمسين الذين أقسموا، فماتوا جميعا، وأفلت القرينان واتبعهما حجر، فكسر رجل أخي المقتول، فعاش حولا ثم مات. قلت: وقد كان عبد الملك بن مروان أقاد رجلا بالقسامة، ثم ندم بعد ما صنع، فأمر بالخمسين الذين أقسموا، فمحوا من الديوان وسيرهم إلى الشام.
إيراد البخاري هذا الحديث هنا من حيث إن الحلف فيه توجه أولا على المدعى عليه لا على المدعي كقصة النفر من الأنصار.
وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة هو إسماعيل المشهور بابن علية اسم أمه الأسدي بفتح السين منسوب إلى بني أسد بن خزيمة لأن أصله بل من مواليهم، والحجاج بفتح الحاء المهملة وتشديد الجيم الأولى هو المعروف بالصواب، واسم أبي عثمان ميسرة، وقيل: سالم، وكنية الحجاج أبو الصلت، ويقال غير ذلك، وهو بصري وهو مولى بني كندة، وأبو رجاء ضد الخوف اسمه سلمان وهو مولى أبي قلابة بكسر القاف وتخفيف اللام عبد الله بن زيد الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء، ووقع هاهنا من آل أبي قلابة. وفيه تجوز، فإنه منهم باعتبار الولاء لا بالأصالة.
وقد أخرجه أحمد فقال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا حجاج عن أبي رجاء مولى أبي قلابة، وكذا عند مسلم عن أبي شيبة.
وعمر بن عبد العزيز هو أمير المؤمنين. من الخلفاء الراشدين. قوله: أبرز أي: أظهر سريره وهو ما جرت عادة الخلفاء بالاختصاص بالجلوس عليه، والمراد به أنه أخرجه إلى ظاهر الدار لا إلى جهة الشارع، وكان ذلك زمن خلافته وهو بالشام. قوله: ثم أذن لهم أي: للناس فدخلوا عنده. قوله: القسامة القود بها حق القسامة مبتدأ. وقوله: القود مبتدأ ثان، وحق خبره والجملة خبر المبتدأ الأولى ومعنى حق واجب. قوله: الخلفاء نحو معاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان، لأنه نقل عنهم أنهم كانوا يرون القود بالقسامة. قوله: يا با قلابة أصله: يا أبا قلابة، بالهمزة حذفت للتخفيف، وأبو قلابة هو الراوي في الحديث. قوله: ونصبني قال الكرماني أي: أجلسني خلف سريره للإفتاء ولإسماع العلم. وقيل: معناه أبرزني لمناظرتهم، أو لكونه خلف السرير فأمره أن يظهر، وهذا التفسير أحسن ويساعده رواية أبي عوانة: وأبو قلابة خلف السرير قاعد، فالتفت إليه فقال: ما تقول يا أبا قلابة؟ قوله: رؤوس الأجناد بفتح الهمزة وسكون الجيم: جمع جند، وهو في الأصل الأنصار والأعوان ثم اشتهر في المقاتلة، وكان عمر، رضي الله تعالى عنه، قسم الشام بعد موت أبي عبيدة ومعاذ على كل أربعة أمراء مع كل أمير جند، فكان كل من فلسطين ودمشق وحمص وقنسرين يسمى جندا باسم الجند الذين نزلوها. وقيل: كان الرابع الأردن، وإنما أفردت قنسرين بعد ذلك وكان أمراء الأجناد خالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، رضي الله تعالى عنهم. قوله: وأشراف العرب وفي رواية أحمد بن حرب: وأشراف الناس، الأشراف جمع شرف يقال: فلان شرف قومه، أي: رئيسهم وكريمهم وذو قدر وقيمة عندهم يرفع الناس أبصارهم للنظر إليه ويستشرفونه. قوله: أرأيت؟ أي: أخبرني. قوله: بدمشق أي: كائن بدمشق بكسرالدال وفتح الميم وسكون الشين المعجمة البلد المشهور بالشام ديار الأنبياء، عليهم السلام. قوله: بحمص بكسر الحاء المهملة وسكون الميم بلد مشهور بالشام، وقال الشيخ أبو الحسن القابسي: لم يمثل أبو قلابة بما شبهه لأن الشهادة طريقها غير طريق اليمين. وقال: والعجب من عمر بن عبد العزيز، رضي الله تعالى عنه، على مكانته من العلم كيف لم يعارض أبا قلابة في قوله وليس أبو قلابة من فقهاء التابعين، وهو عند الناس معدود في البلد؟ وقال صاحب التوضيح ويدل على صحة مقالة الشيخ أبي الحسن في الفرق بين الشهادة واليمين أنه عرض على أولياء المقتول اليمين وعلم أنهم لم يحضروا بخيبر. قوله: إلا في إحدى وفي رواية أحمد بن حرب: إلا بإحدى. قوله: قتل بجريرة نفسه بفتح الجيم وهو الذنب والجناية أي: قتل نفسا بما يجر إلى نفسه من الذنب أو الجناية أي: قتل ظلما فقتل قصاصا. قوله: فقتل على صيغة المجهول، ويروى: فقتل، على صيغة المعلوم أي: قتله رسول الله
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»