عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ١٧٩
أيضا عن إسحاق وفي الاستئذان عن يحيى بن بكير.
قوله: (فليقل: لا إله إلا الله) إنما أمر بذلك لأنه تعاطى صورة تعظيم الأصنام حين حلف بها وأن كفارته هو هذا القول لا غير. قوله: (تعال أقامرك) تعال بفتح اللام أمر، وأقامرك مجزوم لأنه جزاؤه وإنما أمر بالصدقة تكفيرا للخطيئة في كلامه بهذه المعصية، والأمر بالصدقة محمول عند الفقهاء على الندب بدليل أن مريد الصدقة إذا لم يفعلها ليس عليه صدقة ولا غيرها بل يكتب له حسنة.
6 ((باب من حلف على الشيء وإن لم يحلف)) أي: هذا باب فيه بيان من حلف على شيء يفعله أو لا يفعله. قوله: (وإن لم يحلف)، على صيغة المجهول وهو معطوف على محذوف تقديره: حلف على ذلك وإن لم يحلف.
1566 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطنع خاتما من ذهب وكان يلبسه فيجعل فصه في باطن كفه، فصنع الناس خواتيم، ثم إنه جلس على المنبر فنزعه فقال: (إني كنت ألبس هاذا الخاتم وأجعل فصه من داخل) فرمى به ثم قال: (والله لا ألبسه أبدا) فنبذ الناس خواتيمهم.
طابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم حلف لا يلبس خاتم الذهب، والحال أن أحدا ما حلفه على ذلك. وفيه أنه: لا بأس بالحلف على ما يجب المرء تركه أو على ما يحب فعله من سائر الأفعال، وأما وجه حلفه صلى الله عليه وسلم فهو في ذلك ما قاله المهلب: إنما كان صلى الله عليه وسلم يحلف في تضاعيف كلامه وكثير من فتواه تبرعا ذلك لنسخ ما كانت الجاهلية عليه من الحلف بآبائهم وآلهتهم وأصنام وغيرها ليعرفهم أن لا محلوف به سوى الله، عز وجل، وليتدربوا على ذلك حتى ينسوا ما كانوا عليه من الحلف بغبر الله تعالى.
والحديث مضى في كتاب اللباس في: باب خواتيم الذهب فإنه أخرجه هناك عن مسدد وعن يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وأخرجه أيضا في: باب خاتم الفضة عن يوسف بن موسى عن أبي سلمة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قوله: (فيجعل فصه) بفتح الفاء وكسرها قاله الكرماني، وقال الجوهري: العامة تقول بالكسر. قوله: (في باطن كفه) إنما لبسه كذلك لبيان أنه لم يكن للزينة بل للختم ومصالح أخرى. قوله: (فرمى به) أي: لم يستعمله وليس أنه أتلفه لنهيه صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال. قوله: (والله لا ألبسه أبدا) أراد بذلك تأكيد الكراهة في نفوس الناس بيمينه لئلا يتوهم أن كراهته لمعنى، فإذا أزال ذلك المعنى لم يكن بلبسه بأس، وأكد بالحلف أن لا يلبسه على جميع وجوهه. قوله: (فنبذ الناس) أي: طرح الناس خواتيمهم.
7 ((باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام)) أي: هذا باب في بيان من حلف بملة سوى ملة الإسلام، ولم يذكر ما يترتب على الحالف اكتفاء بما ذكره في الباب، وفي بعض النسخ: باب من حلف بملة غير الإسلام، والملة بكسر الميم وتشديد اللام، وقال ابن الأثير: الملة الدين كملة الإسلام واليهودية والنصرانية، وقيل: هي معظم الدين وجملة ما يجيء به الرسل.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف باللات والعزي فليقل: لا إلاه إلا الله) ولم ينسبه إلى الكففر هذا تعليق ذكره موصولا عن قريب في: باب لا يحلف باللات والعزى عن أبي هريرة، وأراد به أن الحالف باللات والعزى يقول: لا إله إلا الله و يكفر لأنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يقول: لا إله إلا الله، لم ينسبه إلى الكفر، وروى ابن أبي شيبة في (مصنفه): حدثنا عبيد الله حدثنا إسرائيل عن أبي معصب عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: حلفت باللات والعزى فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني حلفت باللات والعزى، فقال: قل: لا إله إلا الله، ثلاثا، وأنفث عن شمالك ثلاثا، وتعوذ بالله من
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»