عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٩
كان أنس رأى ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيعارض حديث عقبة وهو الذي أخرجه النسائي وابن حبان وصححه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحرير والحلية، وإن كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان دليلا على نسخ حديث عقبة. قلت: قد طعن بعضهم على الطحاوي في هذا الترديد بما ملخصه: أنه خفي عليه موت أم كلثوم، فإنها ماتت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرناه آنفا، فدعوى المعارضة مردودة وكذا دعوى النسخ، انتهى، ويمكن أن يوجه كلام الطحاوي بأن يقال: معنى قوله: وإن كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أي: وإن كان إخباره بذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى هذا يصح دعوى النسخ، ثم إن الطاعن المذكور قال: الجمع بينهما، أي: بين حديث أنس وحديث عقبة بن عامر واضح يحمل النهي في حديث عقبة على التنزيه. قلت: حديث أنس لا يعارضه حديث عقبة، لأن تصحيح البخاري أقوى من تصحيح غيره فالمعارضة تقتضي المساواة، والله أعلم.
31 ((باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجوز من اللباس والبسط)) أي: هذا باب في بيان ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجوز من التجوز وهو التخفيف وحاصل معناه: أنه كان يتوسع فلا يضيق بالاقتصار على صنف واحد من اللباس، وقيل: ما يطلب النفيس والعالي بل يستعمل ما تيسر، ووقع في رواية الكشميهني: ما يتجزى، ضبطه بعضهم بجيم وزاي مفتوحة مشددة بعدها ألف، وما أظنه صحيحا إلا بالحاء المهملة والراء. قوله: (والبسط) ضبطه بعضهم بالباء الموحدة المفتوحة، ثم قال: وهو ما يبسط ويجلس عليه. وقال الكرماني: البسط جمع البساط، فحينئذ لا تكون الباء إلا مضمومة، وما أظن الصحيح إلا هذا.
61 - (حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي فجعلت أهابه فنزل يوما منزلا فدخل الأراك فلما خرج سألته فقال عائشة وحفصة ثم قال كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا وكان بيني وبين امرأتي كلام فأغلظت لي فقلت لها وإنك لهناك قالت تقول هذا لي وابنتك تؤذي النبي فأتيت حفصة فقلت لها إني أحذرك أن تعصي الله ورسوله وتقدمت إليها في أذاه فأتيت أم سلمة فقلت لها فقالت أعجب منك يا عمر قد دخلت في أمورنا فلم يبق إلا أن تدخل بين رسول الله وأزواجه فرددت وكان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله وشهدته أتيته بما يكون وإذا غبت عن رسول الله وشهد أتاني بما يكون من رسول الله وكان من حول رسول الله قد استقام له فلم يبق إلا مالك غسان بالشأم كنا نخاف أن يأتينا فما شعرت إلا بالأنصاري وهو يقول إنه قد حدث أمر قلت له وما هو أجاء الغساني قال أعظم من ذاك طلق رسول الله نساءه فجئت فإذا البكاء من حجرهن كلها وإذا النبي قد صعد في مشربة له وعلى باب المشربة وصيف فأتيته فقلت استأذن لي فأذن لي فدخلت فإذا النبي على حصير قد أثر في جنبه وتحت رأسه مرفقة من أدم حشوها ليف وإذا أهب معلقة وقرظ فذكرت الذي قلت لحفصة
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»