عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٢٧٦
وقال عياض: إنه وقع هنا للجميع بالباء الموحدة، قال: وبالوجهين في (الموطأ) وقد رجح الخطابي أنه من البطلان، وأنكره ابن بطال فقال: كذا يقول أهل الحديث من طل الدم إذا هدر قيل: لا وجه لإنكاره بعد ثبوت الرواية، ومعناه يرجع إلى الرواية الأخرى. قوله: (إنما هذا من إخوان الكهان) شبهه بهم إذ الأخوة تقتضي المشابهة، وذلك بسبب السجع، وقال الخطابي: لم يرده رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأجل السجع نفسه لكنه إنما أعاب منه رد الحكم وتزيينه بالسجع على مذهب الكهان في ترويج أباطيلهم بالأسجاع التي يروجون بها الباطل ويوهمون الناس أن تحتها طائلا، والسجع هو تناسب آخر الكلمة لفظا والجمع أسجاع وأساجيع، وقال ابن بطال: فيه ذم الكهان ومن تشبه بهم في ألفاظهم حيث كانوا يستعملونه في الباطل، كما أراد هو بسجعه دفع ما أوجبه صلى الله عليه وسلم فاستحق بذلك الذم إلا أنه صلى الله عليه وسلم جبل على الصفح عن الجاهلين. فإن قلت: قد وقع في كلامه صلى الله عليه وسلم: الأسجاع مثل صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، وغير ذلك. قلت: الفرق أنه عارض به حكم الشرع ورام إبطاله، وأيضا أنه تكلف فيه بخلاف ما في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفيه: وجوب الغرة عند كافة العلماء، وخالف فيه قوم فقالوا لا شيء فيه حكاه في (المعونة) وهو منابذة للنص فلا يلتفت إليه. وفيه: أن الغرة عبد أو أمة، وقال مالك: الحمران أحب إلي من السودان، يريد البيض، فإن لم يكن في البلد فالسود قاله الأبهري، وقال أبو عمرو بن العلاء: لا يؤخذ إلا من البيض لقوله: (غرة) وإلا لقال: عبدا ووليدة، وقال مالك عن ربيعة: يقوم بخمسين دينارا أو ستمائة درهم. واختلف فيمن يرث الجنين، فقال مالك: هو موروث على فرائض الله، وقال أيضا: هو كبضعة من أمه ترثه وحدها، وقال أيضا هو بيت أبويه: الثلثان للأب وللأم الثلث، وبه قال أبو حنيفة والشافعي.
5759 حدثنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن امرأتين رمت إحداهما الأخرى بحجر، فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو وليدة.
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة، وهو مختصر.
5760 وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، فقال الذي قضي عليه: كيف أغرم مالا أكل ولا شرب ولا نطق ولا استهل، ومثل ذلك بطل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هاذا من إخوان الكهان.
هذا مرسل. قوله: (يقتل) على صيغة المجهول في محل الحال من الجنين. قوله: (قضى عليه) أي: على ولي المرأة لأن الغرة متى وجبت فهي على العاقلة.
5761 حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمان ابن الحارث عن أبي مسعود، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.
مطابقته للترجمة في آخر الحديث. وعبد الله بن محمد المسندي وابن عيينة سفيان، وأبو مسعود هو عقبة البدري الأنصاري الكوفي.
والحديث قد مر في البيع في: باب ثمن الكلب، فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن إلى آخره، ومر الكلام فيه هناك.
قوله: (مهر البغي) البغي فعيل أو فعول، وهي الزانية ومهرها هو ما تأخذه على الزنا، والحلوان بالضم ما يعطى على الكهانة.
5762 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا هشام بن يوسف أخبرنا معمر عن الزهري عن يحياى بن عروة بن الزبير عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رسول الله صلى الله
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»