عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٢٠٠
ناسخة للإباحة لأنهم كانوا أولا يفعلون ذلك حتى وقع دخول الحية في بطن الذي شرب من فم السقاء، فنسخ الجواز. ووجه الحكمة في النهي ما قاله قوم من أنه لا يؤمن من دخول شيء من الهوام مع الماء في جوف السقاء فيدخل فم الشارب ولا يدري فعلى هذا لو ملأ السقاء وهو يشاهد الماء الذي يدخل فيه، ثم ربطه ربطا محكما، ثم لما أراد أن يشرب حله فشرب منه لا يتناوله النهي، وقيل: ما أخرجه الحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها بسند قوي بلفظ: نهى أن يشرب من في السقاء، لأن ذلك ينتنه، وهذا عام، وقيل: إن الذي يشرب الماء من فم السقاء قد يغلبه الماء فينصب منه أكثر من حاجته فلا يأمن أن يشرق به أو تبتل ثيابه. وقيل: ينزل بقوة فيقطع العروق الضعيفة التي بإزاء القلب، فربما كان سببا للهلاك.
5629 حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وخالد هو الحذاء. والحديث أخرجه ابن ماجة في الأشربة عن بكر بن خلف عن يزيد بن زريع به.
25 ((باب النهي عن التنفس في الإناء)) أي: هذا باب في بيان النهي عن التنفس في الإناء عند الشرب، والتنفس أخذ النفس.
5630 حدثنا أبو نعيم حدثنا شيبان عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا بال أحدكم فلا يمسح ذكره بيمينه، وإذا تمسح أحدكم فلا يتمسح بيمينه. (انظر الحديث: 153 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو نعيم الفضل بن دكين، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، ويحيى هو ابن أبي كثير، واسم أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري.
والحديث مضى في كتاب الطهارة في: باب النهي عن الاستنجاء باليمين، فإنه أخرجه هناك عن معاذ بن فضالة عن هشام عن يحيى بن أبي كثير إلى آخره، ولفظه هناك: وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بيمينه، ومر الكلام فيه هناك. وقال الكرماني: وروي: لا يتنفس ولا يمسح ولا يتمسح، بالنفي والنهي. وقال الملهب: التنفس إنما نهى عنه كما نهى عن النفخ في الطعام والشراب والله أعلم من أجل أنه لا بد أن يقع فيه شيء من ريقه فيعافه الطاعم له ويستقذر أكله فنهى لذلك لئلا يفسد على من يريد تناوله، وهذا إذا أكل أو شرب مع غيره، وإذا كان وحده أو مع من يعلم أنه لا يستقذر شيئا منه فلا بأس بالتنفس في الإناء.
26 ((باب الشرب بنفسين أو ثلاثة)) أي: هذا باب في بيان الشرب بنفسين أو ثلاثة أنفاس قيل: بين الترجمتين مع حديثيهما تعارض، لأن الترجمة الأولى في النهي عن التنفس في الإناء، وهذه في ثبوت التنفس. وأجيب بأجوبة مختلفة، وأحسنها أن البخاري جعل الإناء في الترجمة الأولى ظرفا للتنفس، والنهي عنه لاستقذاره، وقال في هذه الترجمة: الشرب بنفسين فجعل التنفس للشرب أن لا يقتصر على نفس واحد بل يفصل بين الشربين بنفسين أو ثلاثة خارج الإناء، فبهذا ينتفي التعارض.
5631 حدثناأبو عاصم وأبو نعيم قالا: حدثنا عزرة بن ثابت قال: أخبرني ثمامة بن عبد الله قال: كان أنس يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثا، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس ثلاثا.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وعزرة بفتح العين المهملة وسكون الزاي بعدها راء ابن ثابت بالثاء المثلثة في أوله الأنصاري التابعي أصله من المدينة نزل البصرة، وقد سمع من جده لأمه عبد الله بن يزيد الخطمي، وعبد الله بن أبي أوفى وغيرهما، وثمامة بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميم ابن عبد الله بن أنس رضي الله عنه يروي عن جده.
والحديث أخرجه مسلم في الأشربة عن أبي بكر وقتيبة. وأخرجه الترمذي فيه عن بندار. وأخرجه
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»