عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٢٩٨
أي: هذا باب في قوله صلى الله عليه وسلم: (لو كنت راجما) أجدا (بغير بينة) لرجمته، وجواب: لو، محذوف وهو الذي قدرناه.
0135 حدثنا سعيد بن عفير قال: حدثني الليث عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمان بن القاسم عن القاسم بن محمد عن ابن عباس: أنه ذكر التلاعن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذالك قولا ثم انصرف. فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه قد وجد مع امرأته رجلا، فقال عاصم: ما ابتليت بهاذا إلا لقولي، فذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذالك الرجل مصفرا قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله خدلا آدم كثير اللحم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم بين، فجاءت به شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده، فلاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، قال رجل لابن عباس في المجلس: هي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحدا بغير بينة رجمت هاذه؟ فقال: لا تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء.
قال أبو صالح وعبد الله بن يوسف: خدلا.
(الحديث 0135 أطرافه: في: 6135، 5586، 6586، 8327).
مطابقته للترجمة في قوله: (لو رجمت أحدا بغير بينة رجمت هذه) وسعيد بن عفير هو سعيد بن كثير بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء مولى الأنصار المصري، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري، و عبد الرحمن بن القاسم يروي عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، ووقع في رواية النسائي عن أبيه.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المحاربين عن عبد الله بن يوسف، وفي الطلاق عن إسماعيل بن أبي أويس أيضا. وأخرجه مسلم في اللعان عن محمد بن رمح وغيره. وأخرجه النسائي في الطلاق وفي الرجم عن عيسى بن حماد به، وفي الطلاق أيضا عن يحيى بن محمد.
قوله: (أنه ذكر التلاعن)، يعني: أنه قال: ذكر فحذف لفظ: قال: وصرح به في رواية سليمان التي تأتي. قوله: (ذكر) بن علي صيغة المجهول أسند إلى التلاعن أي: ذكر حكم الرجل الذي يرمي امرأته بالزنا، فعبر عنه بالتلاعن باعتبارها آل إليه الأمر بعد نزول الآية، ووقع في رواية سليمان ذكر المتلاعنان. قوله: (فقال عاصم بن عدي) أي: ابن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة العجلاني ثم البدري، وهو صاحب عويمر العجلاني الذي قال له: سل لي يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث اللعان، وعاصم شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها، وقيل: لم يشهد بدرا بنفسه لأنه صلى الله عليه وسلم قد استخلفه حين خرج إلى بدر بن علي قباء وأهل العالية وضرب له بسهمه فكأنه كان قد شهدها وتوفي سنة خمس وأربعين، وقد بلغ قريبا من عشرين ومائة سنة. قوله: (في ذلك) قولا هو أنه كان قد قال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لو وجد مع امرأته رجلا لضربه بالسيف حتى يقتله، فابتلي بعويمر العجلاني وهو من قومه ليريه الله تعالى كيف حكمه في ذلك وليعرفه أن التسليط في الدماء لا يسوغ في الدعوى، ولا يكون إلا بحكم الله تعالى، ليرفع أمر الجاهلية. وقال الكرماني قولا أي: كلاما لا يليق نحو ما يدل بن علي عجب النفس والنخوة والغيرة وعدم الحوالة إلى إرادة وحوله وقوته. وقال بعضهم: كان ذلك بمعزل عن الواقع ثم طول الكلام. قلت: ليس في كلامه ما هو بمعزل عن الواقع، لكنه لم يصرح فيه. قوله: إنه لو وجد مع امرأته رجلا لضربه بالسيف، وذكرها ما يقتضيه أن يفعل فعل من عنده نخوة ومروءة وغيرة عند وجودهذا الأمر، وأما عدم حوالة الأمر فيه إلى الله تعالى فيمكن أنه لم يكن علم ما حكم الله في هذا حتى ابتلي وعرف. قوله: (ثم انصرف) أي: عاصم من عند النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (فأتاه رجل) هو عويمر. قوله: (من قومه) لأن كلا منهما عجلاني. قوله: (إليه) أي: إلى عاصم. قوله: (ما ابتليت) بن علي صيغة المجهول (إلا لقولي) وهو قوله: لو وجدت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف، أو كان عيرا أحدا فابتلي به، كذا قاله الداودي، ورد عليه
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 299 300 301 302 ... » »»