عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ١٩٦
رواه الترمذي قلت: أجيب عن هذا بوجوه: الأول: أنه يحتمل أن يكون الأمر في ذلك كما وقع في عذاب القبر لما قالت اليهود إن الميت يعذب في قبره، فكذبهم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يطلعه الله بن علي ذلك، فلما أطلعه الله بن علي عذاب القبر أثبت ذلك واستعاذ بالله منه، وههنا كذلك. الثاني: ما قاله الطحاوي: إنه منسوخ بحديث جابر وغيره فإن قلت: ذكروا أن جذامة أسلمت عام الفتح فيكون حديثها متأخرا فيكون ناسخا لغير قلت: ذكروا أيضا أنها أسلمت قبل الفتح، وقال عبد الحق: هو الصحيح. الثالث: قال ابن العربي: حديث جذامة مضطرب الرابع: يرجع إلى الترجيح، فحديث جذامة يرد من حديثها، وحديث جابر برجال الصحيح وله شاهد من حديث أبي سعيد بن علي ما سيأتي، وحديث أبي هريرة الذي أخرجه النسائي من حديث أبي سلمة عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العزل؟ فقيل: إن اليهود تزعم أنها الموؤودة الصغرى، فقال: كذبت يهود.
0125 حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء حدثنا جويرية عن مالك بن أنس عن الزهري عن ابن محيريز عن أبي سعيد الخدري قال: أصبنا سبيا فكنا نعزل فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أو إنكم تفعلون؟ قالها ثلاثا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة.
(انظر الحديث 9222) مطابقته للترجمة ظاهرة. وعبد الله شيخ البخاري ابن أخي جويرية، وأسماء وجويرية من الأسماء المشتركة بين الرجال والنساء، وابن محيريز مصغر محراز بالحاء المهملة والزاي واسمه عبد الله، وكذلك وقع في رواية يونس كما سيأتي في القدر عن الزهري: أخبرني عبد الله بن محيريز الجمحي. وهو مدني سكن الشام، وأبو محيريز جنادة كان من رهط أبي محدورة المؤذن، وكان يتيما في حجره.
والحديث قد مر في البيوع في: باب بيع الرقيق، فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري، قال: أخبرني ابن محيريز الحديث.
قوله: (سبيا) أي: جواري أخذناها من الكفار أسرا وذلك في غزوة بني المصطلق، وروى ابن أبي شيبة في (مصفنه) من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل جميعا عن أبي سعيد، قال: لما أصبنا سبي بني المصطلق استمتعنا من النساء وعزلنا عنهن قال: ثم إني وقفت بن علي جارية في سوق بني قينقاع، فمر رجل من اليهود فقال: ما هذه الجارية يا أبا سعيد؟ قلت: جارية لي أبيعها. قال: هل كنت تصيبها؟ قال: قلت: نعم. قال: فلعلك تبيعها وفي بطنها مثل سخلة، قال: كنت أعزل عنها. قال: هذه الموؤودة الصغرى، قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: كذبت يهود، كذبت يهود. قوله: (أو إنكم تفعلون) اختلفوا في معناه، فقالت طائفة: ظاهره الإنكار والزجر فنهى عن العزل، وحكى ذلك أيضا عن الحسن، وكأنهم فهموا من كلمة: لا، في رواية أخرى: لا! ما عليكم أن لا تفعلوا، وهي رواية ابن القاسم وغيره عن مالك إنها للنهي عما سئل عنه، وأن كلمة؛ لا في: أن لا تفعلوا، لتأكيد النهي كأنه قال: لا تعزلوا وعليكم أن لا تفعلوا. وقالت طائفة: إن هذا إلى النهي أقرب. وقالت طائفة أخرى: كأنها جعلت جوابا لسؤال. قوله: (عليكم أن لا تفعلوا) أي: ليس عليكم جناح في أن لا تفعلوا. وقول هؤلاء أولى بالمصير إليه بدليل قوله: (ما من نسمة) إلى آخره، وبقوله: افعلوا أو لا تفعلوا، إنما هو القدر، وبقوله إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء، وهذه الألفظا كلها مصرحة بأن العزل لا يرد القدر ولا يضر، فكأنه قال: لا بأس به، وبهذا تمسك من رأى إباحته مطلقا عن الزوجة والأمة، وبه قال كثير من السلف من الصحابة والتابعين، كما ذكرناه قوله: (ما من نسمة)، بفتحات هي: النفس، أي ما من نفس قدر كونها إلا وهي تكون سواء عزلتم أو لا، أي: ما قدر وجوده لا يمنعه العزل. وفي حديث جابر أيضا: إن ذلك لم يمنع شيئا أراده الله، وفي حديثه أيضا وفي رواية مسلم: أعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها وفي حديث البراء، رواه الترمذي في كتاب (العلل) ليس من كل الماء يكون الولد.
79 ((باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرا)) أي: هذا باب في بيان حكم القرعة بين النساء إذا أراد الرجل السفر، وأراد أن يأخذ معه إحدى نسائه.
1125 حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال حدثني: ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة لعائشة وحفصة،
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»