عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٣١١
أي: هذا في تفسير بعض سورة: * (إذا زلزلت) * وتسمى سورة الزلزلة، وفي بعض النسخ * (إذا زلزلت) * بدون لفظ سورة وهي مكية، وهي مائة وتسعة وأربعون حرفا. وخمس وثلاثون كلمة وثمان آيات. قوله: (إذا زلزلت)، أي: حركت الأرض حركة شديدة لقيام الساعة.
* (بسم الله الرحمان الرحيم) * 1 ((باب قوله: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) * (الزلزلة: 7)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) * ولم يثبت لفظ باب: إلا لأبي ذر، والمثقال على وزن مفعال من الثقل، ومعنى المثقال هنا الوزن، وسئل ثعلب عن الذرة، فقال: إن مائة نملة وزن حبة، والذرة واحدة منها، وعن يزيد بن هارون: زعموا أن الذرة ليس لها وزن.
يقال: أوحى لها: أوحى إليها ووحى لها ووحى إليها واحد أشار به إلى قوله تعالى: * (يومئذ تحدث أخبارك بأن ربك أوحى لها) * (الزلزلة: 4، 5) قال أبو عبيدة: أوحى لها أي: أوحى إليها. قوله: (يقال)، الخ غرضه أن هذه الألفاظ الأربعة بمعنى واحد، وجاء استعمالها بكلمة إلى وباللام، ومعناه أمرها بالكلام وأذن لها فيه، وقال الثعلبي: مجازه يوحى الله إليها.
2694 حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذالك في المرج والروضة كان له حسنات ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها أروائها حسنات له ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقى به كان ذالك حسنات له فهي لذلك الرجل أجر ورجل ربطها تغشيا وتعفف ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي له ستر ورجل ربطها فخرا ورئاء ونواء فهي على ذالك وزر فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر قال ما أنزل الله علي فيها إلا هاذه الآية الفاذة الجامعة * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (الزلزلة: 7، 8) .
مطابقته للترجمة في قوله: * (فمن يعمل مثقال ذرة) * الخ وأبو صالح السمان اسمه ذكوان.
والحديث قد مضى في الشرب عن عبد الله بن يوسف وفي الجهاد وعلامات النبوة عن القعني، ومر الكلام فيه، ولنذكر بعض شيء.
قوله: (في مرج)، وهو الموضع الذي ترعى فيه الدواب قوله: (طيلها) بكسر الطاء وفتح الياء آخر الحروف، وهو الحبل الذي يطول للدابة ويشد أحد طرفيه في الوتد. قوله: (فاستنت) * () * يقال: استن، إذا ألح في العدو. قوله: (شرفا) بفتح الشين المعجمة والراء وهو الشوط، وسمي به لأن العادي به يشرف على ما يتوجه إليه. قوله: (تغنيا) أي: استغناء عن الناس أو بنتاجها وتعففا عن السؤال يتردد عليها إلى متاجره ومزارعه ونحوها فتكون سترا له تحجبه عن الفاقة. قوله: (ولم ينس حق الله في رقابها) بأن يؤدي زكاتها، وبه احتج أبو حنيفة في زكاة الخيل. قوله: (ولا ظهورها) أي: ولا في ظهورها، بأن يركب عليها في سبيل الله. قوله: (ونواء) بكسر النون أي: مناوأة. أي: معاداة. قوله: (الفاذة) بالفاء وبالذال المعجمة المشددة أي الفردة. وجعلها فاذة لخلوها عن بيان ما تحتها من التناسل أنواعها، وقيل: إذا ليس مثلها آية أخرى في قلة الألفاظ وكثرة المعاني لأنها جامعة لكل أحكام الخيرات والشرور، وقيل: جامعة لاشتمال اسم الخير على أنواع الطاعات والشر على أنواع المعاصي ودلالة على الآية على الجواب من حيث أن سؤالهم كان إن الحمار له حكم الفرس أم لا؟ فأجاب بأنه إن كان لخير فلا بد أن يرى خيره، وإلا فبالعكس، والله أعلم.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 » »»