عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١٠٥
أي: وأما الشيخ الكبير إذا لم يقدر على الصوم فقد أطعم أنس بن مالك بعدما كبر بكسر الباء الموحدة. قوله: (عاما)، أي: في عام. قوله: (أو عامين) شك من الراوي تقدير الكلام. أما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصوم. فقد استحق الأكل يأكل وليس قوله: فقد أطعم جواب أما بل هو دليل على الجواب محذوفا كما قلناه: وروى عبد بن حميد من طريق النضر بن أنس عن أنس: أنه أفطر في رمضان وكان قد كبر، فأطعم مسكينا كل يوم. انتهى وكان أنس حينئذ في عشرة المائة.
قراءة العامة يطيقونه وهو أكثر دأب البخاري أنه يذكر عند عقيب آية من القرآن ما يتعلق بلغة لفظ منها أو بقراءة فيها. قوله: (يطيقونه) من أطاق يطيق، وقد مر الكلام فيه عن قريب.
4505 ح دثني إسحاق أخبرنا روح حدثنا زكريا بن إسحاق حدثنا عمرو بن دينار عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ * (وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين) * قال ابن عباس ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعما مكان كل يوم مسكينا.
إسحاق هو ابن راهويه. قال بعضهم: وقال صاحب (التوضيح)، إسحاق هو ابن إبراهيم، كما صرح به أبو نعيم في (مستخرجه) قلت روى البخاري عن خمسة أنفس كل منهم يسمى إسحاق بن إبراهيم ولم يبين أي إسحاق بن إبراهيم هو، والظاهر أنه إسحاق ابن إبراهيم الذي يقال له. راهويه، لأنه روى عن روح بن عبادة عن زكريا بن إسحاق المكي عن عمرو بن دينار المكي عن عطاء ابن أبي رباح المكي.
قوله: (يطوقونه) بضم الياء وتخفيف الطاء وتشديد الواو على البناء للمجهول بمعنى يتكلفونه، وكذا وقع تفسيره عند النسائي وهي قراءة ابن مسعود أيضا قوله: (قال ابن عباس) إلى آخره إشارة إلى أن ابن عباس لا يرى النسخ في هذا، وقد خالفه الجمهور. وحديث مسلمة الذي يأتي عن قريب يدل على أنها منسوخة وحاصل الأمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح القيم بإيجاب الصيام عليه لقوله تعالى: * (فمن شهد منك الشهر فليصمه) * (البقرة: 185) وأما الشيخ الفاني الهرم الذي لا يستطيع الصوم فله أن يفطر ولا قضاء عليه، ولكنه هل يجب عليه إذا أفطر أن يطعم عن كل يوم مسكينا إذا كان ذا جدة، فيه قولان للعلماء: أحدهما: لا يجب كالصبي وهو أحد قولي الشافعي. والثاني: هو الصحيح وعليه أكثر العلماء: أنه يجب عليه فدية عن كل يوم، كما فسره ابن عباس على قراءة: يطوقون، أي: يتجشمونه. كما قاله ابن مسعود وغيره، وهو اختيار البخاري حيث قال: وأما الشيخ الكبير، الخ كما مر آنفا.
26 ((باب: * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * (البقرة: 185)) أي: هذا في بيان قوله تعالى:) * * (فمن شهد) * أي: فمن كان شاهدا أي حاضرا مقيما غير مسافر في الشهر فليصمه ولا يفطر قال الزمخشري: الشهر، منصوب على الظرف وكذلك الهاء في: فليصمه ولا يكون مفعولا لأنه انتهى. قلت: أراد بهذا الرد على من قال أنه مفعول به ومثل لما قاله بقوله كقولك: شهدت الجمعة، لأن المقيم والمسافر كلاهما شاهدان للشهر.
4506 ح دثنا عياش بن الوليد حدثنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قرأ فدية طعام مساكين قال هي منسوخة .
عياش، بالياء آخر الحروف وبالشين المعجمة ابن الوليد الرقام البصري يروي عن عبد الأعلى السامي البصري عن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
قوله: (فدية طعام) بالإضافة ومساكين، بالجمع وهي قراءة نافع وابن ذكوان والباقون بتنوين فدية، وتوحيد: مسكين، وطعام بالرفع على أنه بدل من فدية. قوله: (هي منسوخة)، أي: الآية التي هي قوله: * (وعلى الذين يطيقونه) * (البقرة: 184) وقد مر الكلام فيه عن قريب، ورجحه ابن المنذر من جهة قوله: * (وأن
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»