عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٢٦
مما يوليه الإمام بألين الكلام لقول مالك لعمر رضي الله تعالى عنه حين أمره بقسمة المال بين قومه: لو أمرت به غيري. وفيه: الحجابة للإمام وأن لا يصل إليه شريف ولا غيره إلا بإذنه. وفيه: الجلوس بين يدي السلطان بغير إذنه. وفيه: الشفاعة عند الإمام في إنفاذ الحكم إذا تفاقمت الأمور وخشي الفساد بين المتخاصمين، لقول عثمان، رضي الله تعالى عنه: إقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر، وقد ذكر البخاري في المغازي: أن عليا والعباس استبا يومئذ. وفيه: تعزير الإمام من يشهد له على قضائه وحكمه. وفيه: أنه لا بأس أن يمدح الرجل نفسه ويطريها إذا قال الحق. وفيه: جواز إدخار الرجل لنفسه وأهله قوت سنة، وهو خلاف جهلة الصوفية المنكرين للإدخار، الزاعمين أن من ادخر لغد فقد أساء الظن بربه ولم يتوكل عليه حق توكله. وفيه: إباحة اتخاذ العقار التي يبتغي بها الفضل والمعاش. وفيه: أن الصديق، رضي الله تعالى عنه، قضى على العباس وفاطمة، رضي الله تعالى عنهما، بحديث: (لا نورث) ولم يحاكمهما في ذلك إلى أحد غيره، فكذلك الواجب أن يكون للحكام والأئمة الحكم بعلومهم، لأنفسهم كان ذلك أو لغيرهم، بعد أن يكون ما حكموا فيه بعلومهم مما يعلم صحة أمره رعيتهم، قاله الطبري. وفيه: قبول خبر الواحد، فإن أبا بكر، رضي الله تعالى عنه، لم يستشهد بأحد كما استشهد عمر، بل أخبر بذلك عنه صلى الله عليه وسلم فقبل ذلك منه. وفيه: أنه لا ينكر أن يخفى على الفقيه والعالم بعض الأمور مما علمه غيره، كما خفي على فاطمة التخصيص في ذلك، وكذلك يقال: إنه خفي على علي، رضي الله تعالى عنه، ذلك وكذلك على العباس حتى طلبا الميراث، وقد يقال: لم يخف ذلك عليهما، وإنما كانا ذهلا ونسيا حتى ذكرهما أبو بكر فرجعا إليه، بدليل أن عمر نشدهما بالله: هل تعلمان ذلك؟ فقالا: نعم. وفيه: أن في طلب فاطمة ميراثها من أبيها وطلب العباس دليلا على أن الأصل في الأحكام العموم وعدم التخصيص حتى يرد ما يدل على التخصيص، وعلى أن المتكلم داخل في عموم كلامه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: من ترك مالا فلأهله، وهذا قول أكثر أهل الأصول، خلافا للحنابلة وابن خويز منداد، وعند كثير من القائلين بالعموم: إن هذا الخطاب وسائر العمومات لا يدخل فيها سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأن الشرع ورد بالتفرقة بينه وبين أمته، ولو ثبت العموم لوجب تخصيصها، وهذا الخبر وما في معناه يوجب تخصيص الآية: * (وإن كانت واحدة فلها النصف) * (النساء: 11). وخبر الآحاد يخصص، فكيف ما كان هذا سبيله، وهو القطع بصحته؟ والله أعلم.
2 ((باب أداء الخمس من الدين)) أي: هذا باب في بيان أن أداء الخمس شعبة من شعب الدين، ويجوز أن يكون لفظ باب مضافا إلى لفظ أداء الخمس، ويجوز أن يقطع ويرتفع باب على أنه خبر مبتدأ محذوف، كما قلنا، ويكون أداء الخمس مبتدأ، أو من الدين خبره، وقد ذكر في كتاب الإيمان: باب أداء الخمس من الإيمان، والجمع بين الترجمتين أن الإيمان إن قدر أنه قول وعمل دخل أداء الخمس في الإيمان، وإن قدر أنه تصديق دخل في الدين والخمس بضم الخاء من خمست القوم أخمسهم بالضم إذا أخذت منهم خمس أموالهم، وقد مر الكلام فيه هناك مستقصى.
5903 حدثنا أبو النعمان قال حدثنا حماد عن أبي جمرة الضبعي قال سمعت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول قدم وفد عبد القيس فقالوا يا رسول الله إن هذا الحي من ربيعة بيننا وبينك كفار مضر فلسنا نصل إليك إلا في الشهر الحرام فمرنا بأمر نأخذ منه وندعو إليه من وراءنا قال آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع الإيمان بالله شهادة أن لا إلاه إلا الله وعقد بيده وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تؤدوا لله خمس ما غنمتم وأنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت..
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (وأن تؤدوا لله خمس ما غنمتم) وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي، وحماد هو ابن زيد، وأبو جمرة بالجيم والراء واسمه نصر بن عمران الضبعي، بضم الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة: من بني ضبيعة، مصغرا،
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»