عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٨٨
يشدد الواو والياء وهمزته زائدة، والأفوعان، بالضم: ذكر الأفاعي، وكنية الأفعى أبو حيان، وأبو يحيى لأنه يعيش ألف سنة وهو الشجاع الأسود الذي يواثب الإنسان، ومن صفة الأفعى إذا فقئت عينها عادت ولا تغمض حدقتها البتة. قوله: (والأساود) جمع الأسود، وهو العظيم من الحيات، وفيه سواد، ويقال: هو أخبث الحيات، ويقال له: أسود سالخ لأنه يسلخ جلده كل عام، وفي (سنن أبي داود والنسائي): عن ابن عمر مرفوعا: (أعوذ بالله من أسد وأسود)، وقيل: الأسود: حية رقشاء دقيقة العنق عريضة الرأس، وربما كان ذا قرنين. وقال ابن خالويه: ليس في كلام العرب أسماء الجنان وصفاتها إلا ما أذكره. وعد لها نحوا من سبعين إسما منها: الشجاع الأرقم الأسود الأفعى الأبتر الأعيرج الأصلة الصل الجان الجنان والجرارة والرتيلاء، وذكر الجاحظ أيضا أنواعها، منها: المكللة الرأس، طولها شبران أو ثلاثة إن حاذى جحرها طائر سقط ولا يحس بها حيوان إلا هرب فإن قرب منها حدر ولم يتحرك وتقتل بصفيرها، ومن وقع عليه نظرها مات، ومن نهشته ذاب في الحال، ومات كل من قرب من ذلك الميت من الحيوان، فإن مسها بعصا هلك بواسطة العصا، وقيل: إن رجلا طعنها برمح فمات هو ودابته في ساعة واحدة قال: وهذا الجنس كثير ببلاد الترك.
آخذ بناصيتها في ملكه وسلطانه أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها) * (هود: 65). أي: في ملكه وسلطانه، وقال أبو عبيدة: أي: في قبضته وملكه وسلطانه، وخص الناصية بالذكر على عادة العرب في ذلك تقول: ناصية فلان في يد فلان، إذا كان في طاعته، ومن ثمة كانوا يجزون ناصية الأسير إذا أطلقوه.
يقال صافات بسط أجنحتهن يقبضن يضربن بأجنحتهن أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (ألم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن) * (الملك: 91). أي: باسطات أجنحتهن ضاربات بها، وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: * (صافات) * قال: بسط أجنحتهن.
7923 حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام بن يوسف حدثنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر ويسقطان الحبل..
مطابقته للترجمة من حيث إن ذا الطفيتين من جملة ما يطلق عليه اسم الدابة، وعبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي، والحديث أخرجه مسلم في الحيوان عن عبد بن حميد.
قوله: (ذا الطفيتين)، بضم الطاء وسكون الفاء: هو ضرب من الحيات في ظهره خطان أبيضان، والطفية أصلها خوص المقل، فشبه الخط الذي على ظهر هذه الحية به، وربما قيل: لهذه الحية، طفية على معنى: ذات طفية، وقد يسمى الشيء باسم ما يجاوره، وقيل: هما نقطان، حكاه القاضي، قال الخليل: وهي حية خبيثة. قوله: (والأبتر) هو مقطوع الذنب. وقال النضر بن شميل: هو أزرق اللون لا تنظر إليه حامل إلا ألقت، وقيل: الأبتر الحية القصيرة الذنب. قال الداودي: هو الأفعى التي تكون قدر شبر أو أكثر قليلا. قوله: (يطمسان البصر)، يمحوان نوره، وفي رواية ابن أبي مليكة عن ابن عمر: ويذهب البصر، وفي حديث عائشة: فإنه يلتمس البصر. قوله: (ويسقطان الحبل)، ويروى (يستسقطان) بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة، وهو الجنين، وفي رواية ابن أبي مليكة التي تأتي بعد أحاديث: فإنه يسقط الولد، وفي رواية عن عائشة ستأتي بعد أحاديث: وتصيب الحبل، وفي رواية أخرى عنها: تذهب الحبل، والكل بمعنى واحد، وإنما أمر بقتلها لأن الجن. لا تتمثل بها، ولهذا أدخل البخاري حديث ابن عمر في الباب ونهى عن قتل ذوات البيوت، لأن الجن تتمثل بها، قاله الداودي.
(قال عبد الله فبينا أنا أطارد حية لأقتلها فناداني أبو لبابة لا تقتلها فقلت إن رسول الله قد أمر بقتل الحيات قال إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت وهي العوامر)
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»