عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٣١٠
ليسوا أصحاب بئر معونة، وإنما هم أصحاب الرجيع الذين قتلوا عاصم بن أبي الأفلح وأصحابه، وأسروا خبيبا وابن الدثنة، وإنما الذي أتاه أبو براء من بني كلاب، وأجار أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم فأخفر جواره عامر بن الطفيل وجمع عليه هذه القبائل من سليم. قوله: (واستمدوه) أي: طلبوا منه المدد. قوله: (بسبعين من الأنصار)، قال موسى بن عقبة: وكان أمير القوم المنذر بن عمرو، ويقال: مرثد بن أبي مرثد. قوله: (كنا نسميهم القراء) جمع القارئ، وسموا بذلك لكثرة قراءتهم. قوله: (يحطبون)، أي: يجمعون الحطب. قوله: (بئر معونة) بفتح الميم وضم العين المهملة وبالنون، وهو بين مكة وعسفان وأرض هذيل حيث قتل القراء، وكانت سرية بئر معونة في صفر من السنة الرابعة من الهجرة، وأغرب مكحول حيث قال: إنها كانت بعد الخندق، وقال ابن إسحاق: كانت في صفر على رأس أربعة أشهر من أحد. قوله: (ثم رفع بعد ذلك) أي: نسخت تلاوته.
وفي (التوضيح): وفيه: أنه يجوز النسخ في الإخبار على صفة ولا يكون نسخه تكذيبا، إنما يكون نسخه رفع تلاوته فقط، كما أن نسخ الأحكام ترك العمل بها، فربما عوض من المنسوخ من الأحكام حكم غيره، وربما لم يعوض عنه، وكذلك الإخبار نسخها من القرآن رفع ذكرها وترك تلاوتها، لا أن تكذب بخبر آخر مضاد لها، ومثله مما نسخ من الأخبار ما كان يقرؤ في القرآن: لو أن لابن آدم واديين من ذهب لابتغى لهما ثالثا.
581 ((باب من غلب العدو فأقام على عرصتها ثلاثا)) أي: هذا باب في ذكر من غلب على العدو، فأقام على عرصتها، بفتح العين المهملة وسكون الراء وفتح الصاد المهملة: وهي البقعة الواسعة بغير بناء من دار وغيرها.
5603 حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال.
(الحديث 5603 طرفه في: 7693).
مطابقته للترجمة ظاهرة، ومحمد بن عبد الرحيم أبو يحيى الذي يقال له: صاعقة، وروح، بفتح الراء: ابن عبادة، بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة، وسعيد هو ابن أبي عروبة. والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي في غزوة بدر عن شيخ آخر عن روح بأتم من هذا السياق.
قوله: (إذا ظهر) أي: إذا غلب. قوله: (ثلاث ليال) وقال ابن الجوزي: كانت إقامته ليظهر تأثير الغلبة وتنفيذ الأحكام وترتيب الثواب ولقلة احتفاله بهم، كأنه يقول: نحن مقيمون، فإن كانت لكم قوة فهلموا إلينا، وقال غيره: كان هذا منه لأن الثلاث أكثر ما يريح المسافر، لأن الأربعة إقامة، لحديث: لا يبقين متأخر بمكة بعد قضاء نسكه فوق ثلاث، ولأن الغنيمة فيما تقسم، ولأن الظهر أيضا يستريح، هذا كله إذا كان في أمن من عدوه.
تابعه معاذ وعبد الأعلى قال حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم معاذ هو ابن عبد الأعلى العنبري، أخرج متابعته الإسماعيلي عن أبي يعلى عن أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا معاذ بن معاذ العنبري وعبد الأعلى، قالا: حدثنا سعيد عن قتادة، فذكره، وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى السامي، بالسين المهملة، ومتابعتهما أخرجها مسلم عن يوسف بن حماد عن عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن أنس، وعن محمد بن حاتم عن روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، قال: ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة، قال: لما كان يوم بدر وظهر عليهم نبي الله... الحديث، وقال في آخره: يعني: حديث أنس، وحديث أنس هو الذي رواه قبله، ولفظه: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ترك قتلى بدر ثلاثا، ثم أتاهم... الحديث، معناه: أنه، صلى الله عليه وسلم، لما ظهر على المشركين يوم بدر أقام هناك ثلاث ليال ثم أتاهم.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 » »»