عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٢٥١
واسمه السائب بن فروخ الشاعر المكي الأعمى، وقد مر في التهجد، وإنما قال: وكان لا يتهم في حديثه لئلا يتوهم بسبب أنه شاعر أنه متهم في الحديث. وعبد الله بن عمرو بن العاص.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن محمد بن كثير عن سفيان وعن مسدد عن يحيى. وأخرجه مسلم في الأدب عن محمد بن المثنى وعن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير ابن حرب وعن عبيد الله بن معاذ وعن محمد بن حاتم وعن القاسم بن زكرياء وعن أبي كريب. وأخرجه أبو داود في الجهاد عن محمد بن كثير به، وأخرجه الترمذي فيه عن محمد بن بشار. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن المثنى.
قوله: (جاء رجل) قيل: يحتمل أن يكون هو جاهمة بن العباس بن مرداس، قال أبو عمر: جاهمة السلمي حجازي، ثم قال: حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا عبد الرحمن بن المبارك حدثنا سفيان بن حبيب حدثنا ابن جريج عن محمد بن طاعة عن معاوية بن جاهمة عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستشيره في الجهاد؟ فقال: (ألك والدة؟) قلت: نعم. قال: إذهب فأكرمها فإن الجنة تحت رجليها). ورواه النسائي وأحمد أيضا من طريق معاوية بن جاهمة، وروى ابن أبي عاصم بسند صحيح: بينا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة بين مكة والمدينة إذا جاء أعرابي من أخلق الرجال وأشدهم، فقال: يا رسول الله! إني أحب أن أكون معك وأجد بي قوة، وأحب أن أقاتل العدو معك وأقتل بين يديك. فقال: (هل لك من والدين؟ قال: نعم. قال: انطلق فالحق بهما وبرهما، واشكر لله ولهما، قال: إني أجد قوة ونشاطا لقتال العدو، قال: انطلق فالحق بهما). فأدبر، فجعلنا نتعجب من خلقه وجسمه. وروى أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري أن رجلا هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن، فقال: هل لك أحد باليمن؟ قال: أبواي، فقال: أذنا لك؟ قال: لا. قال: إرجع إليهما فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما). وصححه ابن حبان. فإن قلت: روى ابن حبان من حديث عبد الله بن عمرو من طريق غير طريق حديث الباب: جاء رجل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم فسأله عن أفضل الأعمال، فقال: (الصلاة، قال: ثم مه؟ قال: الجهاد. قال: فإن لي والدين! فقال: برك بوالديك خير، فقال: والذي بعثك نبيا لأجاهدن ولأتركنهما. قال: فأنت أعلم). قلت: هذا يحمل على جهاد فرض العين توفيقا بينه وبين حديث الباب. قوله: (ففيهما) أي: ففي الوالدين فجاهد، الجار والمجرور متعلق بمقدر، وهو: جاهد، ولفظ: جاهد المذكور مفسر له، لأن ما بعد الفاء الجزائية لا يعمل فيما قبلها، ومعناه: خصصهما بالجهاد، وهذا كلام ليس ظاهره مرادا، لأن ظاهر الجهاد إيصال الضرر للغير، وإنما المراد إيصال القدر المشترك من كلفة الجهاد، وهو بذل المال وتعب البدن فيؤول المعنى إلى: إبذل مالك وأتعب بدنك في رضا والديك.
وفيه: بالتأكيد ببر الوالدين وتعظيم حقهما وكثرة الثواب على برهما، والله أعلم.
931 ((باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل)) أي: هذا باب في بيان ما قيل في كراهة الجرس، وهو بفتح الجيم والراء وفي آخره سين مهملة، وهو معروف. وحكى عياض إسكان الراء والأصوب أن الذي بالفتح، ما علق في عنق الدابة وغيره فيصوت، والجرس بالإسكان: الصوت، يقال: أجرس إذا صوت، ويجمع على أجراس، قوله: (ونحوه) مثل القلائد من الأوتار كانوا يعلقونها على أعناق الإبل لدفع العين على ما نذكره قوله: (في أعناق الإبل) إنما خص الإبل بالذكر لورود الخبر فيها بخصوصها للغالب.
5003 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم أن أبا بشير الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال أخبره أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره قال عبد الله حسبت أنه قال والناس في مبيتهم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت.
قيل: ليس في الحديث ما يدل على التبويب، لأنه لا ذكر فيه للجرس، وتمحل له بقول الخطابي: أمر بقطع القلائد لأنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس. قيل: لعل البخاري استنبطه من هذا. وأجيب: بأن هذا ليس بشيء، لأن الحديث نفسه فيه ذكر الجرس.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»